السلطان أبى يحيى عليه لمنازلة تلمسان حتى وافاه الخبر بانتقاض أخيه كما نذكره فانكفأ راجعا واتصل الخبر بمولانا السلطان أبى يحيى فقفل إلى حضرته وجل البطوي معه وأسنى جائزته وجوائز عسكره وانصرفوا إلى السلطان مرسلهم من ساعتها وانقبض عنان السلطان أبى تاشفين عن غزو بلاد الموحدين إلى أن انقرض أمره والبقاء الله وحده * (الخبر عن انتفاض الأمير أبى على ونهوض السلطان أبى الحسن إليه وظفره به) * لما توغل السلطان أبو الحسن في غزاة تلمسان وتجاوزها إلى تاسالت لوعد مولانا السلطان أبى يحيى دس أبو تاشفين إلى الأمير أبى على في اتصال اليد والاتفاق على السلطان أبى الحسن وأن يأخذ كل واحد منهما بحجزته عن صاحبه حتى ذمم به وانعقد بينهما على ذلك وانتقض الأمير أبو على على أخيه السلطان أبى الحسن ونهض من سجلماسة إلى درعة فقتل بها عامل السلطان واستعمل عليه من ذويه وسرح العسكر إلى بلاد مراكش واتصل الخبر بالسلطان وهو بمعسكره بتاسالت فأحفظه شأنه وأجمع على الانتقام منه فانكفأ راجعا إلى الحضرة وأنزل بثغر تاوريرت تخم عمله معسكر أو عقد عليه لابنه تاشفين وجعله إلى نظر وزيره منديل بن حمامة بن تيربيعين وأغذ السير إلى سجلماسة فنزل عليها وأحاطت عساكره بها وأخذ بمخنقها وحشد الفعلة والصناع لعمل الآلات لحصارها والبناء بساحتها وأقام يغاديها القتال ويراوحها حولا كريتا ونهض أبو تاشفين في عساكره وقومه إلى ثغر المغرب ليوطئه عساكره وبعث في نواحيه يجاذب السلطان عن مكانه من حصاره ولما انتهى إلى تاوريرت برز إليه ابن السلطان في وزرائه وعساكره وزحفوا إليه في التعبية فاختل مصافه وانهزم ولم يلق أحد أو عاد إلى منحجره وبادر إلى امداد الأمير أبى على بعسكره فعقد على حصة من جنده وبعث بهم إليه فتسربوا إلى البلد زرافات ووحدانا حتى استكملوا عنده وطاولهم السلطان الحصار وأنزل بهم أنواع الحرب والنكال حتى تغلب عليهم واقتحم البلد عنوة وتقبض على الأمير أبى على عند باب قصره وسيق إلى السلطان فأمهله واعتقله واستولى على ملكه وعقد على سجلماسة واستعمل عليها ورحل منكفئا إلى الحضرة فاحتل بها سنة ثلاث وثلاثين واعتقل أخاه في احدى حجر القصر إلى أن قتله لأشهر من اعتقاله خنقا بمحبسه وعدد له هذا الفتح بفتح الجبل واسترجاعه من يد العدو دمره الله بأيدي عسكره وتحت راية ابنه أبى مالك كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن منازلة جبل الفتح واستئثار الأمير أبى مالك والمسلمين به) *
(٢٥٤)