{حركة أبي حمو على ثغور المغرب الأوسط ودخول ابنه أبى تاشفين إلى جهات مكناسة} كان أبو العباس بن السلطان أبى سالم ملك بنى مرين بالمغرب الأقصى قد نهض في عساكره سنة ثلاث وثمانين إلى مراكش وبها الأمير عبد الرحمن بن يفلوس بن السلطان أبى على مقاسمه في نسبه وملكه وكان قد سوغ له مراكش وأعمالها عند ما أجلب معه على البلد الجريد سنة خمس وسبعين كما في أخبارهم واستقر الأمير عبد الرحمن بمراكش ثم حدثت الفتنة بينه وبين السلطان أحمد ونهض إليه من فاس فحاصره أولا وثانيا يفرج فيهما عنه ثم نهض إليه سنة أربع وثمانين فحاصره وأخذ بمخنقه وأطال حصاره وكان يوسف بن علي بن غانم أمير المعقل من العرب منتقضا على السلطان وقد بعث السلطان العساكر إلى احيائه فهزموه وخربوا بيوته وبساتينه بسجلماسة ورجعوا وأقام هو بصحرائه منتقضا فلما جهد الحصار الأمير عبد الرحمن بمراكش بعث أبا العشائر ابن عمه منصور بن السلطان أبى على إلى يوسف بن علي بن غانم ليجلب به على فاس وبلاد المغرب فيأخذ بحجزة السلطان عنه وينفس من مخنقه فسار يوسف بن علي مع أبي العشائر إلى السلطان أبى حمو بتلمسان يستنجده على هذا الغرض لقدرته عليه دون العرب بماله من العساكر والأبهة فأنجده على ذلك وقدم ابنه أبا تاشفين معهم وخرج هو في أثرهم فساروا إلى المغرب ونزل يوسف بن علي بقومه قريبا من مكناسة ومعه الأمير ان أبو العشائر وأبو تاشفين وجاء أبو حمو من خلفهم فحصر تازى سبعا وخرب قصر تازروت المعد هنالك لنزل السلطان وكان السلطان قد استخلف على فاس في مغيبه علي بن مهدي العسكري من عمال دولته ووجوه قبيله وكان هنالك عرب المنبأة من المعقل قد أخذوا الميرة فأهاب بهم وترمار بن عريف ولى الدولة من عرب سويد وهو نازل بقصر مرادة من جوار تازى فاستألفهم لمدافعة أبى حمو ابنه وخرج بهم علي بن مهدي ثم وصل الخبر باستيلاء السلطان على مراكش منتصف خمس وثمانين فأجفل أبو تاشفين وأبو العشائر ومن معهما من العرب واتبعهم علي بن مهدي بمن معه من المنبأة وأجفل أبو حمو على تازى ومر بمرادة على قصر وترمار فهدمه وعاث فيه وانكفأ راجعا إلى تلمسان وفارق ابنه أبو تاشفين أصحابه أبا العشائر والعرب ولحق بأبيه إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى {نهوض السلطان أبى العباس صاحب المغرب إلى تلمسان واستيلاؤه عليها واعتصام أبى حمو بجبل تاحجموت} لما استولى السلطان أبو العباس على مراكش كما قلناه رجع إلى دار ملكه بفاس
(١٤١)