غرب الأندلس ومر المعتضد في بعض أسفاره بحصن أركش وتطوف به مختفيا فقبض عليه بعض أصحاب بن نوح وساقه إليه فخلى سبيله وأولاه كرامة احتسبها عنده يدا وذلك سنة ثلاث وأربعين فانطلق إلى دار ملكه ورجع بعدها إلى ولاية الملوك الذين حوله من البربر وأسجل لابن نوح هذا على عمل اركش ومورور فيمن أسجل له منهم فصاروا إلى مخالصته إلى أن استدعاهم سنة خمس وأربعين بعدها إلى صنع ودعا إليه الجفلى من أهل أعماله واختصه بدخول حمام أعده لهم استبلاغا في تكريمهم وتخلف ابن نوح عنده من بينهم فلما حصلوا داخل الحمام أطبقه عليهم وسد المنافس للهوى دونهم إلى أن هلكوا ونجا منهم ابن نوح لسالفة يده وطير في الحين من تسلم معاقلهم وحصونهم فانتظمها في أعماله وكان منها رندة وشريش وسائر أعمالها وهلك من بعد ذلك الحاجب أبو مناد بن نوح سنة؟؟ وولى ابنه أبو عبد الله ولم يزل المعتضد يضايقه إلى أن انخلع سنة ثمان وخمسين فانتظمها في أعماله وسار إليه محمد أبى مناد إلى أن هلك سنة ثمان وستين وانقرض ملك بنى نوح والبقاء لله وحده سبحانه؟؟
أبو عبد الله بن الحاجب أبى مناد محمد بن نوح الدمري {الخبر عن بنى برزال احدى بطون دمر وما كان لهم من الحال بقرموتة وأعمالها من الأندلس أيام الطوائف وأولية ذلك ومصائره} قد تقدم لنا ان بنى برزال هؤلاء من ولد وريندين بن وأنتن بن وارديرن بن دمر كما ذكره ابن حزم وان اخوتهم بنو يصدرين وبنو صمغان وبنو يطوفت وكان بنو برزال هؤلاء بإفريقية وكانت مواطنهم منها جبل سالات وما إليها من أعمال المسيلة وكان لهم ظهور ووفور عدد وكانوا نكارية من فرق الخوارج ولما فر أبو زيد أمام إسماعيل المنصور وبلغه ان محمد بن خزر يترصد له أجمع الاعتصام بسالات وصعد إليه وأرهقته عساكر المنصور فانتقل عنه إلى كنانة وكان من أمره ما قدمناه ثم استقام بنو برزال على طاعة الشيعة وموالاة جعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة والزاب حتى صاروا له شيعا (ولما انتقض) جعفر بن معد سنة ستين وثلثمائة كان بنو برزال هؤلاء في جملته من أهل خصوصيته فأجازوا معه البحر إلى الأندلس أيام الحكم المستنصر فاستخدمهم ونظمهم في طبقات جنده إلى من كان به من قبائل زناتة وسائر البربر أيام أخذهم بالدعوة الأموية ومحاربتهم عليها للأدارسة فاستقروا جميعا بالأندلس وكان لبنى برزال من بينهم ظهور وغنى مشهور (ولما أراد) المنصور بن أبي عامر الاستبداد على خليفته هشام وتوقع النكير من رجالات الدولة وموالي الحكم استكثر بنى برزال وغيرهم من البربر وأفاض فيهم الاحسان فاعتز امره واشتد أزره حتى أسقط رجال الدولة ومحى رسومها