وعسكر بصره جاءهم الخبر اليقين باستيلاء السلطان أبى يحيى على حضرة تونس واجهاضه زناتة وسلطانهم عنها فاستدعى مولانا السلطان الأمير أبا زكريا يحيى ابنه ووزيره أبا محمد عبد الله بن تافراكين وأمرهم بالانصراف إلى صاحبهم وأسنى جوائزهم وحاجاتهم وركبوا أساطيلهم من غساسة وأرسل معهم لخطبة الصهر إبراهيم ابن أبي حاتم العزفي والقاضي بحضرته أبى عبد الله بن عبد الرزاق وانكفأ على عقبه راجعا إلى حضرته ولما انعقد الصهر بين الأمير أبى الحسن والسلطان أبى يحيى في ابنته شقيقة الأمير يحيى زفها إليهم في أساطيله مع مشيخة من الموحدين كبيرهم أبو القاسم بن عبو ووصلوا بها إلى مرسى غساسة سنة احدى وثمانين بين يدي مهلك السلطان أبى سعيد فقاموا لها على أقدام البر والتكرمة وبعثوا الظهر إلى غساسة لركوبها وحمل أثقالها وصيغت حكمات الذهب والفضة ومدت ولايا الحرير المغشاة بالذهب واحتفل لوافدها وأعراسها غاية الاحتفال بما لم يسمع مثله في دولتهم وتولت قهارمة الدار من عجز النساء ما يتولاه مثلهم من ذلك فطم الصنيع وتحدث الناس به وهلك السلطان أبو سيعد بين يدي موصلها والبقاء لله وحده {الخبر عن مهلك السلطان أبى سعيد عفا الله عنه وولاية السلطان أبى الحسن وما تخلل ذلك من الاحداث} كان السلطان لما بلغه وصول العروس بنت مولانا السلطان أبى يحيى سنة احدى وثلاثين واهتزت الدولة لقدومها عليهم تعظيما لحق أبيها وقومها واحتفاء بها ارتحل السلطان أبو سعيد إلى تازى ليشارف أحوالها بنفسه احتفاء في تكرمتها وسرورا بعرس ابنه واعتل هنالك ومرض حتى إذا أشقى على الهلكة ارتحل به ولى العهد الأمير أبو الحسن إلى الحضرة وحمله في فراشه على اكتاد الحاشية والخيول حتى نزل بسبو ثم أدخله كذلك ليلا إلى داره وأدركته المنية في طريقه فقضى رحمة الله عليه فوضعوه بمكانه من البيت واستدعى الصالحين لمواراته فووري لشهر ذي الحجة سنة احدى وثلاثين والبقاء لله وحده وكل شئ هالك الا وجهه ولما هلك السلطان أبو سعيد اجتمع الخاصة من المشيخة ورجالات الدولة لولى عهده الأمير أبى الحسن وعقدوا له على أنفسهم وآتوه طاعتهم وبيعتهم وأمر بنقل معسكره من سبو واضطرب بالزيتون من ساحة فاس ولما وورى السلطان خرج إلى معسكره بالتعبية واجتمع إليه الناس على طبقاتهم لأداء البيعة وتولى بفسطاطه وتولى أخذ البيعة له يومئذ على الناس المزوار عبو بن قاسم رئيس الوزعة والمتصرفين وحاجب الباب القديم الولاية بذلك في دارهم منذ عهد السلطان يوسف بن يعقوب وزفت إليه يومئذ عروسه بنت السلطان أبى يحيى فأعرس بها
(٢٥٢)