عن أبيه وأوفد عليه كاتبه وصاحب ديوان الخراج أبا الفضل بن عبد الله بن أبي مدين فقضى من وفادته ما حمل وكان شأنه عجبا في إظهار أبهة سلطانه والانفاق على المستضعفين من الحاج في طريقه واتحاف رجال الدولة التركية بذات يده والتعفف عما في أيديهم ثم شرع بعد استيلائه على إفريقية كما نذكره في كتاب نسخة أخرى من المصحف الكريم ليوقفها ببيت المقدس فلم يقدر اتمامها وهلك قبل فراغه من نسخها كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن هدية السلطان إلى ملك مالي من السودان المجاورين للمغرب) * كان للسلطان أبى الحسن مذهب في الفخر يتطاول به إلى مناغات الملوك الأعاظم واقتفاء سننهم في مهاداة الاقتال والأمصار وايفاد الرسل على ملوك النواحي القاصية والتخوم البعيدة وكان ملك مالي أعظم ملوك السودان لعهده ومجاورا لملكه بالمغرب على مائة مرحلة في القفر من ثغور ممالكه القبلية ولما غلب بنى عبد الواد على تلمسان وابتزهم ملكهم واستولى على ممالك المغرب الأوسط وتحدث الناس بشأن أبى تاشفين وحصاره ومقتله وما كان للسلطان في ذلك من سورة التغلب وآية العز وشاعت أخبار ذلك في الآفاق وسما سلطان مالي منسا موسى المتقدم ذكره في أخبارهم إلى مخاطبته فأوفد عليه فرافقيس من أهل مملكته مع ترجمان من الملثمين المجاورين لممالكهم من صنهاجة فوفدوا على السلطان في التهنئة بالغلب والظفر فأكرم وفادتهم وأحسن مثواهم ومنقلبهم ونزع إلى طريقته في الفخر فأتحف طرفا من مناع المغرب وماعونه من ذخيرة داره وأسناها وعين رجالا من أهل دولته كان فيهم كاتب ديوان أبو طالب بن محمد بن أبي مدين ومولاه عنبر الخصى وأوفدهم بها على ملك مالي منسا سليمان بمهلك أبيه قبل مرجع وفده وأوعز إلى اعراب الفلاة من المعقل بالسير معهم ذاهبين وجاءين فشمر لذلك علي بن غانم أمير أولاد جار الله من المعقل وصحبهم في طريقهم امتثالا لامر السلطان وتوغل ذلك الركاب في القفر إلى بلد مالي بعد الجهد وطول الشقة فأحسن مبرتهم وأعظم موصلهم وأكرم وفادتهم ومنقلبهم وعادوا إلى مرسلهم في وفد من كبار مالي يعظمون سلطانه ويوجبون حقه ويؤدون طاعته من خضوع مرسلهم وقيامه بحق السلطان واعتماله في مرضاته ما استوصاهم به فأدوا رسالتهم وبلغ السلطان أربا من اعتزازه على الملوك وخضوعهم لسلطانه وقضاء حق الشكر لله في صنعه * (الخبر عن اصهار السلطان إلى صاحب تونس) * لما هلكت ابنة السلطان أبى يحيى بطريف فيمن هلك من حظايا السلطان أبى الحسن فساطيطة بقي في نفسه منها شئ حنينا إلى ما شغفته به من خلالها وعزة سلطانها وقيامها
(٢٦٦)