لثباتهم بثبات السلطان فطحنتهم رحى الحرب وتقبض على قائدهم بيرنيس ونجا يغمراسن بن زيان في فله مدافعا دونه إلى تلمسان ومر بفساطيطه فأضرمها نارا وانتهب معسكره واستبيحت حرمه وأقام السلطان أبو يوسف على وجدة حتى خربها وأصرع بالتراب أسوارها وألصق بالرغام جدرانها ثم نهض إلى تلمسان فحاصرها أياما وأطلق الأيدي في ساحتها بالنهب والعيث وشن الغارات على البسائط فاكتسحها سبيا ونسفها نسفا وهلك في طريقه إلى تلمسان وزيره عيسى بن ماساى وكان من علية وزرائه وحماة ميدانه له في ذلك أخباره مذكورة وكان مهلكه في شوال من هذه السنة ووصله بمثواه من حصارها محمد بن عبد القوى أمير بنى توجين ومستصرخه على بنى عبد الواد لما نال منه يغمراسن من طبخ القهر وذل الغلب والنحيف في كافة قبيله مباهيا بآلته فأكرم السلطان أبو يوسف وفادته واستركب الناس للقائه وبرور مقدمه واتخاذ رتبة السلاح لمباهاته وأقام محاصر التلمسان معه أياما حتى وقع اليأس وامتنع البلد واشتد شوكة حاميته ثم أجمع السلطان أبو يوسف على الافراج عنها وأشار على الأمير محمد بن عبد القوى وقومه بالقفول قبل قفوله وأن يغذوا السير إلى بلادهم وملا حقائبهم باتحافه وجنب لهم من المائة من المقربات بمراكبها وأراح عليهم ألف ناقة حلوب وعمهم بالخلع مع الصلات والخلع الفاخرة واستكثر لهم من السلاح والفازات والفساطيط وحملهم على الظهر وارتحلوا وتلوم السلطان أياما لمنجاتهم إلى مقرهم من جبل وانشريس حذرا من غائلة يغمراسن من انتهاز الفرصة فيهم ثم دخل إلى فاس ودخلها مفتتح احدى وسبعين وهلك ولده الأمير أبو مالك ولى عهده لأيام من مقدمه فأسف لمهلكه ثم تعزى بالصبر الجميل عن فقده ورجع إلى حاله في افتتاح بلاد المغرب وكان في غزوته هذه ملك حصن تاونت وهو معقل مطغرة وشحنه بالأقوات لما رآه ثغرا مجاورا لعدوه وأسلمه لنظر هارون بن؟؟ شيخ مطغرة ثم ملك حصن مليلة بساحل الريف مرجعه من غزاته هذه وأقام هارون بحصن تاونت ودعا لنفسه ولم يزل يغمراسن يردد الغزو إليه حتى فر من الحصن واستلمه سنة خمس وسبعين ولحق بالسلطان أبى يوسف كما ذكرناه في أخباره عند ذكر قبيلة مطغرة وكان من شأنه ما ذكرناه {الخبر عن افتتاح مدينة طنجة وطاعة أهل سبتة وفرض الإتاوة عليهم وما قارن ذلك من الاحداث} كانت هاتان المدينتان سبته وطنجة من أول دولة الموحدين من أعظم عمالاتهم وأكبر ممالكهم بما كانت ثغر العدوة ومرفأ الأساطيل ودار الانشاء الآلات التجرية وفرضة الجواز إلى الجهاد فكانت ولايتها مختصة بالقرابة من السادة بنى عبد المؤمن وقد ذكرنا
(١٨٥)