وشهد له وفد الموحدين فعظم سرورهم وانقلبوا محبورين مسرورين واتصلت بعد ذلك مهاداة المستنصر ليعقوب بن عبد الحق إلى أن هلك وحذا ابنه الواثق من بعده على سننه فبعث إليه سنة سبع وستين هدية حافلة بعث بها القاضي أبا العباس الغماري قاضي بجاية فعظم موقعها وكان لابي العباس الغماري بالمغرب ذكر تحدث به الناس والله أعلم * (الخبر عن فتح مراكش ومهلك أبى دبوس وانقراض دولة الموحدين من المغرب) * لما رجع السلطان أبو يوسف من حرب يغمراسن ورأى أن قد كفى عدوه وكف غربه ورد من كيده وكيد أبى دبوس صريخه صرف حينئذ عزائمه إلى غزو مراكش والعود إلى مضايقتها كما كان لأول أمره ونهض لغزاته من فاس في شعبان من سنته ولما جاوزوا أم الربيع بث السرايا وسرح الغارات وأطلق الأيدي والأعنة لنهب والعبث فحطموا زروعها وانتسفوا آثارها وتقري نواحيها كذلك بقية عامه ثم غزا عرب الخلط من جشم بتادلا فأثخن فيهم واستباحهم ثم نزل وادى العبيد ثم غزا بلاد صنهاجة ولم يزل ينقل ركابه بأنحاء البلاد المراكشية وأحوازها حتى حضرت صدور بنى عبد المؤمن وقومه وأغزاهم أولياء الدولة من عرب جشم بنهوض الخليفة لمدافعة عدوه فجمع لذلك وبرز في جيوش صخمة وجموع وافرة واستجره أبو يوسف بالفرار أمامه ليبعد عن مدد الصريخ فيستمكن منه حتى نزل عفو ثم كر إليه والتحم القتال فاختل مصافه وخر صريعا لليدين وللفم واجتز رأسه وهلك بمهلكه وزيره عمران وكاتبه علي بن عبد الله المغيلي وارتحل السلطان أبو يوسف إلى مراكش وفر من كان بها من الموحدين فلحقوا بجبل تيمال وبايعوا اسحق أخا المرتضى فبقي ذبالة هنالك سنين ثم تقبض عليه سنة أربع وسبعين وسيق إلى السلطان هو وأبو سعيد ابن عمه السيد أبى الربيع والقبائلي وأولاده فقتلوا جميعا وانقرض أمر بنى عبد المؤمن والله وارث الأرض ومن عليها وخرج الملا وأهل الشورى من الحضرة إلى السلطان فأمنهم ووصلهم ودخل مراكش في بروز فخم فاتح سنة ثمان وستين وورث ملك آل عبد المؤمن وتمالأه واستوسق أمره بالمغرب وتطامن الناس لباسه وسكنوا الظل سلطانه وقام بمراكش إلى رمضان من سنته وأغزى ابنه الأمير أبا مالك إلى بلاد السوس فافتتحها وأوغل في ديارها ودوخ أقطارها ثم خرج بنفسه إلى بلاد درعة فأوقع بهم الوقيعة المشهورة التي خضدت من شوكتهم ورجع لشهرين من غزاته ثم أجمع الرحلة إلى داره بفاس فعقد على مراكش وأعمالها لمحمد بن علي بن يحيى من كبار أوليائهم ومن أهل خولته وكان من طبقة الوزراء حسبما يأتي التعريف به وبعشيرته وأنزله بقصبة مراكش وجعل المسالح في أعمالها لنظره وعهد إليه بتدويخ الأقطار ومحو آثار بنى
(١٨٢)