بلد السودان من أعلى تمنطيت ومن هذه القصور قبلة تلمسان وعلى عشر مراحل منها قصور بيكارين وهي كثيره تقارب المائة في بسيط واد منحدر من المغرب إلى المشرق واستحرث في العمران وغصت بالساكن وأكثر سكان هذه القصور الغريبة في الصحراء بنو يامدس هؤلاء ومعهم من سائر قبائل البربر مثل وتطغير ومصاب وبنى عبد الواد وبنى مرين وهم أهل عدد وعدة وبعد عن هضمة الاحكام وذل المغارم وفيهم الرجالة والخيالة وأكثر معاشهم من بلح النخل وفيهم التجار إلى بلاد السودان وضواحيهم كلها ممشاة للعرب ومختصة بعبيد الله من المعقل عينتها لهم قسمة الرحلة وربما شاركهم بنو عامر بن زغبة في نيكرارين فتصل إليها ناجعتهم بعض السنن وأما عبيد الله فلا بد لهم في كل سنة من رحلة الشتاء إلى قصور توات وبلد تمنسيت ومع ناجعتهم تخرج قفول التجار من الأمصار والتلول حتى يحطوا بتمنطيت ثم ينذرفون منها إلى بلاد السودان وفى هذه البلاد الصحراوية غريبة في استنباط المياه الجارية لا توجد في تلول المغرب وذلك أن البئر تحفر عميقة بعيدة المهوى وتطوى جوانبها إلى أن توصل بالحفر إلى حجارة صلدة فتنحت بالمعاول والفؤس إلى أن يرق جرمها ثم تصعد الفعلة ويقذفون عليها زبرة من الحديد تكسر طبقها على الماء فينبعث صاعدا فيعم البئر على وجه الأرض واديا ويزعمون ان الماء ربما أعجل بسرعته عن كل شئ وهذه الغريبة موجودة في قصور توات وتكرارين وواركلا وريع والعالم أبو العجائب والله الخلاق العليم وهذا آخر الكلام في الطبقة الأولى من زناتة فلنرجع إلى أخبار الطبقة الثانية وهم الذين اتصلت دولتهم إلى هذا العهد * (أخبار الطبقة الثانية من زناتة وذكر أنسابهم وشعوبهم وأوليتهم ومصائر ذلك) * قد تقدم لنا في أضعاف الكلام قبل انقراض الملك من الطبقة من زناتة ما كان على يد صنهاجة والمرابطين من بعدهم وأن عصبية أجيالهم افترقت بانقراض ملكهم ودولهم وبقي منهم بطون لم يمارسوا الملك ولا أخلقهم ترفه فأقاموا في قياطينهم بأطراف المغربين ينتجعون جانبي القفر والتل ويعطون الدول حق الطاعة وغلبوا على بقايا الأجيال الأولى ومن زناتة بعد أن كانوا مغلوبين لهم فأصبحت لهم السورة والعزة وصارت الحاجة من الدول إلى مظاهرتهم ومسالمتهم حتى انقرضت دولة الموحدين فتطاولوا إلى الملك وضربوا فيه مع أهله بسهم وكانت لهم دول نذكرها ان شاء الله تعالى وكان أكثر هذه الطبقة من بنى واسين بن يصلتن اخوة مغراوة وبنى يفرن ويقال انهم من بنى وأنتن بن ورسيك بن جانا اخوة منسارة وناجدة وقد تقدم ذكر هذه الأنساب وكان من بنى واسين هؤلاء ببلد قصطيلة وذكر ابن الرقيق ان أبا يزيد النكاري لما ظهر
(٥٧)