استوسق ملكه ألقى الوزير محمد بن عثمان مقاد الدولة له وصار إليه أمر الشورى ورياسة المشيخة واستحكمت المودة بينه وبين ابن الأحمر وتأكدت المداخلة وجعلوا إليه المرجع في نقضهم وابرامهم لمكان الأبناء المرشحين من إيالته ولما ارتحل الأمير عبد الرحمن إلى مراكش نبذوا إليه العهد وتعللوا عليه بأن العقد الأول له انما كان على ملك سلفه ومراكش انما ألجأهم إلى العقد عليها الجاء واعتزموا على النهوض إليه ثم أقصروا وانعقدت بينهما السلم سنة ست وسبعين وجعلوا التخم بينهما أزمور وعقدوا على ثغرها لحسان الصبيحي فلم يزل عليها إلى أن هلك كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن مقتل ابن الخطيب) * ولما استولى السلطان أبو العباس على البلد الجديد درا ملكه فاتح ست وسبعين واستقل بسلطانه والوزير محمد بن عثمان مستبد عليه وسليمان بن داود رديف له وقد كان الشرط وقع بينه وبين السلطان ابن الأحمر عند ما بويع بطنجة على نكبة ابن الخطيب واسلامه إليه لما نمى إليه عنه انه كان يغرى السلطان عبد العزيز لملك الأندلس فلما زحف السلطان أبو العباس من طنجة ولقى الوزير أبا بكر بن غازي بساحة البلد الجديد فهزمه السلطان ولاذ منه بالحصار آوى معه ابن الخطيب إلى البلد الجديد خوفا على نفسه فلما استولى السلطان على البلد أقام أياما ثم أغراه سليمان بن داود بالقبض عليه فقبضوا عليه وأودعوه السجن وطيروا بالخبر إلى السلطان ابن الأحمر وكان سليمان ابن داود شديد العداوة لابن الخطيب لما كان سليمان قد تابع السلطان ابن الأحمر على مشيخة الغزاة بالأندلس حتى أعاده الله إلى ملكه فلما استقر له سلطانه أجاز إليه سليمان سفيرا عن عمر بن عبد الله ومقتضيا عهده من السلطان فصده ابن الخطيب عن ذلك بأن تلك الرياسة انما هي لأعياص الملك من آل عبد الحق لأنهم يعسوب زناتة فرجع آيسا وحقد ذلك لابن الخطيب ثم جاور الأندلس بعمل امارته من جبل الفتح فكانت تقع بينه وبين ابن الخطيب مكاتبات ينفس كل منهما لصاحبه بما يحفظه لما كمن في صدورهما وحين بلغ الخبر بالقبض على ابن الخطيب إلى السلطان بعث كاتبه ووزيره بعد ابن الخطيب وهو أبو عبد الله بن زمرك فقدم على السلطان أبى العباس وأحضر ابن الخطيب بالمشور في مجلس الخاصة وأهل الشورى وعرض عليه بعض كلمات وقعت له في كتابه فعظم عليه النكير فيها فوبخ ونكل وامتحن بالعذاب بمشهد ذلك الملأ ثم تل إلى محبسه واشتوروا في قتله بمقتضى تلك المقالات المسجلة عليه وأفتى بعض الفقهاء فيه ودس سليمان بن داود إليه لبعض الأوغاد من حاشيته بقتله فطرقوا السجن ليلا ومعهم زعانفة جاؤوا في لفيف الخدم مع سفراء السلطان ابن الأحمر وقتلوه خنقا في
(٣٤١)