* (الخبر عن مراسلة ملوك إفريقية بتونس وبجاية لزناتة وأحوالهم معهم) * كان لبنى أبى حفص ملوك إفريقية مع زناتة هؤلاء أهل المغرب من بنى مرين وبنى عبد الواد سوابق مذكورة فكان لهم على يغمراسن وبنيه طاعة معروفة يؤدون بيعتها ويخطبون على منابرهم بدعوتها من تغلب الأمير أبى زكريا بن عبد الواحد على تلمسان وعقده عليها ليغمراسن واستمر حالهم على ذلك وكانت لهم أيضا مع بنى مرين ولاية وسابقة بما كان بنو مرين مذ أول أمرهم يخاطبون الأمير أبا زكريا ويبعثون له بيعة البلاد التي يتغلبون عليها مثل مكناسة والقصر ومراكش آخرا ثم صارت مخالصته من لدن عهد المستنصر ويعقوب بن عبد الحق وكانوا يتحفونهم بالمال والهدايا في سبيل المدد على صاحب مراكش وقد ذكرنا السفارة التي وقعت بينهما سنة خمس وستين وأن يعقوب أوفد عامر بن إدريس وعبد الله بن كندوز ومحمد الكناني وأوفد عليه المستنصر سنة سبع بعدها كبير الموحدين يحيى بن صالح الهنتاتي في وفد من مشيخة الموحدين ومعهم هدية سنية ثم أوفد الواثق ابنه سنة تسع وسبعين قاضي بجاية المذكور أبا العباس أحمد القماري وأسنى الهدية معه ولم يزل الشأن بينهم هذا إلى أن افترق أمر آل أبي حفص وطار الأمير أبو زكريا بن الأمير أبى إسحاق بن يحيى بن عبد الواحد من عشه تلمسان في وكر عثمان بن يغمراسن وأسف إلى بجاية فاستولى عليها سنة ثلاث وثمانين واستضاف إليها قسنطينة وبونة وصيرهما عملا لملكه ونصب لهما كرسيا لامره وأسف عثمان بن يغمراسن لفراره من بلده لما كان عليه من التمسك بدعوة عمه أبى حفص صاحب تونس فشق ذلك عليه ونكره واستمرت الحال على ذلك ولما نزل السلطان يوسف بن يعقوب بمخنق تلمسان وأرسى قواعد ملكه بساحتها وسرح عساكره لالتهام الأمصار والجهات وتوجس الموحدون الخيفة منه على أوطانهم وكان الأمير أبو زكريا في جهات تدلس محاميا عن حوزته وعمله ووصله هنالك راشد بن محمد نازعا عن السلطان أبى يعقوب ثم طلعت العساكر على تلك الجهات في اتباعه فزحف إليه عسكر الموحدين سنة تسع وتسعين بناحية جبل الزاب ففضوا جمعه وأوقعوا به واستلحموا جنوده واستمر القتل فيهم وبقيت عظامهم مثلة بمصارعهم سنين ورجع الأمير أبو زكريا إلى بجاية فانحصر بها وهلك على تفيئة ذلك على رأس المائة السابعة وقارن ذلك مغاضبة بينه وبين أمير الزواودة لعهده عثمان بن سباع بن يحيى بن دريد بن مسعود البلط فوفد على السلطان أخريات احدى وسبعمائة ورغبه في ملك بجاية واستمده للسير إليها فأوعز إلى أخيه الأمير أبى يحيى بمكانه من منازلة مغراوة ومليكش والثعالبة بأن ينهض إلى أعمال الموحدين وسار عثمان بن سباع وقومه بين يدي العساكر يتقصون الطريق إلى
(٢٢٤)