محبسه وأخرجوا شلوه من الغد فدفن في مقبرة باب المحروق ثم أصبح من الغد على شأفة قبره طريحا وقد جمعت له أعواد وأضرمت عليه نارا فاحترق شعره واسود بشره وأعيد إلى حفرته وكان في ذلك انتهاء محنته وعجب الناس من هذه السفاهة التي جاء بها سليمان واعتدوها من هناته وعظم النكير فيها عليه وعلى قومه وأهل دولته والله الفعال لما يريد وكان عفى الله عنه أياما امتحانه بالسجن يتوقع مصيبة الموت فيتجيش هواتفه بالشعر يبكى نفسه (ومما قال في ذلك) بعدنا وان جاورتنا البيوت * وجئنا بوعظ ونحن صموت وأنفاسنا سكنت دفعة * كجهر الصلاة تلاه القنوت وكنا عظاما فصرنا عظاما * وكنا نقوت فها نحن قوت وكنا شموس سماء العلا * عزين فناحت عليها البيوت فكم جزلت ذا الحسام الظبا * وذو البحث كم جدلته التحوت وك سيق للقبر في خرقة * فتى ملئت من كساه التخوت فقل للعدا ذهب ابن الخطيب * وفات ومن ذا الذي لا يفوت فمن كان يفرح منكم له * فقل يفرح اليوم من لا يموت * (الخبر عن إجازة سليمان بن داود الأندلس ومقامه إلى أن هلك بها) * كان سليمان بن داود وهذا منذ عضته الخطوب واختلفت عليه النكبات يروم الفرار بنفسه إلى الأندلس للمقامة مع غزاة المجاهدين من قومه ولما استقر السلطان ابن الأحمر بفاس عند حلفه ووفادته على السلطان أبى سالم سنة احدى وستين وداخله سليمان بن داود في تأميل الكون عنده فعاهده على ذلك وأن يقدمه على الغزاة المجاهدين من قومه ولما عاد إلى ملكه وفد عليه سليمان بن داود بغرناطة في سبيل السفارة عن عمر بن عبد الله سنة ست وستين وأن يؤكد عقده من السلطان فحال دون ذلك ابن الخطيب ومارى السلطان عن ذلك بأن شياخة الغزاة مخصوصة بأعياص الملك من بنى عبد الحق لمكان عصابتهم بالأندلس فأخفق أمل سليمان حينئذ وحقدها على ابن الخطيب ورجع إلى مرسله ثم كانت نكبته أيام السلطان عبد العزيز فلم يخلص منها الا بعد مهلكه أطلقه أبو بكر بن غازي المستبد بالأمر من بعده ليعضد بمكانه على شأنه فلما استبد الحصار على ابن غازي خرج عنه سليمان ولحق بالسلطان أبى العباس ابن المولى أبى سالم بمكانه من ظاهر البلد الجديد فكان ذلك من أسباب الفتح ولما دخل السلطان إلى دار ملكه من البلد الجديد فاتح سنة ست وستين واستوسق أمره رفع مجلس سليمان وأحله محل الشورى واعتضد به وزيره محمد بن عثمان واستخلصه كما ذكرناه وكان يرجع إلى رأيه
(٣٤٢)