وكانت من غرائب الواقعات تحدث الناس بها زمانا وسيقت حظاياه إلى بجاية واستأثر الأمير أبو زيان منهن بخطيته الشهيرة ابنة يحيى الزابي ينسب إلى عبد المؤمن بن علي وكان أصهر فيها إلى أبيها أيام تقلبه في سبيل الاغتراب ببلاد الموحدين كما سبق وكانت أعلق بقلبه من سواها فخرجت في مغانم الأمير أبى زيان وتحرج عن مواقعتها حتى أوجده أهل الفتيا السبيل إلى ذلك الحنث زعموا وقع من السلطان أبى حمو في نسائه وخلص السلطان أبو حمو من هوة ذلك العصب بعد غصة الريق ونجا إلى الجزائر لا يكاد يرد النفس من شناعة ذلك الهول ثم خرج مها ولحق بتلمسان واقتعد سرير ملكه واشتدت شوكة أبى زيان ابن عمه وتغلب على القاصية واجتمعت إليه العرب وكثر تابعه وزاحم السلطان أبو حمو بتلك الناحية الشرقية سنين تباعا نذكر الآن أخبارها ان شاء الله تعالى {الخبر عن خروج أبى زيان بالقاصية الشرقية من بلاد حصين وتغلبه على المرية والجزائر ومليانة وما كان من الحروب معه} لما انهزم السلطان أبو حمو بساحة بجاية عشى يومه من أوائل ذي الحجة خاتم سنة سبع وستين قرع الأمير أبو زيان طبوله واتبع أثره وانتهى إلى بلاد حصين من زغبة وكانوا سائمين من الهضيمة والعسف إذ كانت الدول تجريهم مجرى الرعايا المعبدة في المغرم وتعدل بهم عن سبيل إخوانهم من زغبة أمامهم ووراءهم لبغية الغزو فبايعوه على الموت الأحمر ووقفوا بمعتصم من جبل تيطرى إلى أن دهمتهم عساكر السلطان ثم أجلبوا على المرية وكان بها عسكر ضخم للسلطان أبى حمو لنظر وزرائه عمران بن موسى بن يوسف وموسى بن عوت وواد فل بن عبو بن حماد ونازلوهم أياما ثم غلبوهم على البلد وملكها الأمير أبو زيان ومن على الوزراء ومشيخة بنى عبد الواد وترك سبيلهم إلى سلطانهم وسلك سبيلهم الثعالبة في التجافي عن ذل المغرم فأعطوا يد الطاعة والانقياد للأمير أبى زيان وكانت في نفوس أهل الجزائر نفرة من جور العمال عليهم فاستمالهم بها سالم بن إبراهيم بن نصر أمير الثعالبية إلى طاعة الأمير أبى زيان ثم دعا أبو زيان أهل مليانة إلى مثلها فأجابوه واعتمل السلطان أبو حمو نظره في الحركة الحاسمة لدائهم فبعث في العرب وبذل المال وأقطع البلاد على اشطاط منهم في الطلب وتحرك إلى بلاد توجين ونزل قلعة بنى سلامة سنة ثمان وستين يحاول طاعة أبى بكر بن عريف أمير سويد فلم يلبث عنه خالد بن عامر ولحق بأبي بكر بن عريف واجتمعا على الخلاف عليه ونقض طاعته وشنوا الغارة على معسكره فاضطرب وأجفلوا وانتهبت محلاته وأثقاله ورجع إلى تلمسان ثم نهض إلى مليانة فافتتحها وبعث إلى رياح على حين صاغية إليه من يعقوب بن علي بن أحمد وعثمان
(١٣٠)