إشبيلية واستبد على أهلها استوزر من بنى خلدون هؤلاء واستعملهم في رتب دولته وحضروا معه وقعة الجلالقة كانت لابن عباد وليوسف بن تاشفين على ملوك الجلالقة فاستشهد فيها طائفة من بنى خلدون هؤلاء في الجولة مع ابن عباد فاستلحموا في ذلك الموقف بما كان الظهور للمسلمين ونصرهم الله على عدوهم ثم تغلب يوسف بن تاشفين والمرابطون على الأندلس واضمحلت قبائل العرب وفنيت قبائلهم * (سلفه بإفريقية) * ولما استولى الموحدون على الأندلس وملكوها من يد المرابطين وكان ملوكهم عبد المؤمن وبنيه وكان الشيخ أبو حفص كبير هنتاتة زعيم دولتهم وولوه على إشبيلية وغرب الأندلس مرارا ثم ولوا ابنه عبد الواحد عليها في بعض أيامهم ثم ابنه أبا زكريا كذلك فكان لسلفنا بإشبيلية اتصال بهم وأهدى بعض أجدادنا من قبل الأمهات ويعرف بالمحتسب للأمير أبى زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص أيام ولايته عليهم جارية من سبى الجلالقة اتخذها أم ولد وكان له منها ابنه أبو زكريا يحيى ولى عهده الهالك في أيامه وأخواه عمر وأبو بكر وكانت تلقب أم الخلفاء ثم انتقل الأمير أبو زكريا إلى ولاية إفريقية سنة عشرين وستمائة ودعا لنفسه بها وخلع دعوة بنى عبد المؤمن سنة خمس وعشرين واستبد بإفريقية وانتقضت دولة الموحدين بالأندلس وثار عليهم ابن هود ثم هلك واضطربت الأندلس وتكالبت الطاغية عليها وتردد الغزو إلى الفرنتيرة بسيط قرطبة وإشبيلية إلى جيان وثار ابن الأحمر من غرب الأندلس من حصن أرجونة يرجو التماسك بما بقي من الأندلس وفاوض أهل الشورى يومئذ بإشبيلية وهم بنو الباجي وبنو الجد وبنو الوزير وبنو سيد الناس وبنو خلدون وداخلهم في الثورة على ابن هود وأن يتجافوا عن الطاغية عن الفرنتيرة ويتمسكوا بالجبال الساحلية وأمصارها المتوعرة من مالقه إلى غرناطة إلى المرية فلم يوافقوه على بلادهم وكان مقدمهم أبو مروان الباجي فنابذهم ابن الأحمر وخلع طاعة الباجي وبايع مرة لابن هود ومرة لصاحب مراكش من بنى عبد المؤمن ومرة للأمير أبى زكريا صاحب إفريقية ونازل غرناطة واتخذها دار ملكه وبقيت الفرنتيرة وأمصارها ضاحية من ظل الملك فخشى بنو خلدون سوء العاقبة من الطاغية وارتحلوا من إشبيلية ونزلوا سبتة وأجلب الطاغية على تلك الثغور فملك قرطبة وإشبيلية وقرمونة وجيان وما إليها في مدة عشرين سنة ولما نزل بنو خلدون بسبتة أصهر إليهم العزفي بأبنائه وبناته فاختلط بهم وكان له معهم صهر مذكور وكان جدنا الحسن بن محمد وهو سبط ابن المحتسب قد أجاز فيمن أجاز إليهم فذكروا سوابق سلفه عند الأمير أبى زكريا فقصده وقدم عليه فأكرم قدومه وارتحل إلى المشرق فقضى فرضه ثم رجع ولحق بالأمير أبى زكريا على بونة فأكرمه واستقر في ظل دولته ومرعى
(٣٨٢)