وأسميت أهل النسك إذ كنت منهم * فمنك أخو التقوى قريب مقرب وأعليت قدر العلم إذ كنت عالما * ففيه وفى طلابه لك مأرب فمدحك محتوم على كل قائل * ومن ذا الذي يحصى الرمال ويحسب فلله كم تعطى وتمطى وتجتبى * فللبحر من كفيك قد صح منسب فلا برحت كفاك في الأرض مزنة * يطيب بها للخلق مرعى ومشرب ولا زلت في علياء مجدك راقيا * وشانئك المدحوض ينكى وينكب توافي على أقصى أمانيك آمنا * فلا بر يستعصى ولا يتعصب {الخبر عن واقعة مع السلطان أبى الحسن بالقيروان وما تخللها من الاحداث} كان هؤلاء الكعوب من بنى سليم رؤساء البدو بإفريقية وكان لهم اعتزاز على الدولة لا يعرفون غيره مذ أولها بل وما قبله إذ كان سليم هؤلاء منذ تغلب العرب من مضر على الدول والممالك أول الاسلام انتبذوا إلى الضواحي والقفار وأعطوا من صدقاتهم عن عزة وارتاب الخلفاء بهم لذلك حتى لقد أوصى المنصور ابنه المهدى أن لا يستعين بأحد منهم كما ذكر الطبري فلما انثالت الدولة العباسية واستبدا لمولى من الحجم عليهم اعتز بنو سليم هؤلاء بالقفر من أرض نجد وأجلبوا على الحاج بالحرمين ونالتهم منهم معرات ولما انقسم ملك الاسلام بين العباسية والشيعة واختطوا القاهرة نفقت لهم أسواق الفتنة والتعزز وساموا الدولتين بالهضيمة وقطع السابلة ثم أغراهم العبيديون بالمغرب وأجازوا إلى برقة على اثر الهلاليين فخرجوا عمرانها وأجروا في خلائها حتى إذا خرج ابن غانية على الموحدين وانتزى بالثغور الشرقية طرابلس وقابس واجتمع معه قراقش الغزي مولى بنى أيوب ملوك مصر والشام وانضاف إليهم أفاريق العرب من بنى سليم هؤلاء وغيرهم أجلبوا معه على الضواحي والأمصار وصاروا في جملتهم من ناعق فتنتهم ولما هلك قراقش وابن غانية واستبدال أبى حفص بإفريقية وأعز الزواودة على الأمير أبى زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص استظهر عليهم بنى سليم هؤلاء وزاحمهم بظواعنهم وأقطعهم بإفريقية ونقلهم عن مجالاتهم بأطرابلس وأنزلهم بالقيروان فكان لهم من الدولة مكان وعليها اعتزاز ولما افترق سلطان بنى أبى حفص واستبد الكعوب برياسة البدو وضربوا بين أعياصها وسعوا في شقاقها وأصابت منهم وأصابوا منها وكان بين مولانا الأمير أبى يحيى وبين حمزة بن عمر أخي الأمير منازعة وفتن وحرب سجال اعانه عليها ما كان من رغب بنى عبد الواد إلى إفريقية وطمعهم في تملك ثغورها فكان يستجر جيوشهم لذلك وينصب الأعياص من بنى أبى
(٢٧٣)