بنى عبد القوى وقفل إلى تلمسان لتسعة أشهر من خروجه وقد ثقف أطراف ملكه ومسح أعطاف دولته فنظر في اصلاح قصوره ورياضة ورم ما تثلم من بلده وأصابه المرض خلال ذلك فاشتد وجعه سبعا ثم هلك أخريات شوال من سنة سبع والبقاء لله وحده * (الخبر عن محو الدعوة الحفصية من منابر تلمسان) * كانت الدعوة الحفصية بإفريقية قد انقسمت بين أعياصهم في تونس وبجاية وأعمالها وكان التخم بينهما بلد عجيشة ووشتاتة وكان الخليفة بتونس الأمير أبو حفص ابن الأمير أبى زكريا الأولى منهم وله الشفوف على صاحب بجاية والتغور الغربية بالحضرة فكانت بيعة بنى زيان له والدعاء على منابرهم باسمه وكانت لهم مع المولى الأمير أبى زكريا الأوسط صاحب بجاية وصلة لمكان الصهر بينهم وبينه وكانت الوحشة قد اعترضت ذلك عندما نزل عثمان بجاية كما قدمناه ثم تراجعوا إلى وصلتهم واستمروا عليها إلى أن نازل يوسف بن يعقوب تلمسان والبيعة يومئذ للخليفة بتونس السلطان أبى عصيدة بن الواثق والدعوة على منابر تلمسان باسمه وهو حاقد عليهم ولايتهم للأمير أبى زكريا الأوسط صاحب الثغر فلما نزل يوسف بن يعقوب بأعلى تلمسان وبعث عساكره في قاصية الشرق استجاش عثمان بن يغمراسن بصاحب بجاية فسرح عسكرا من الموحدين لمدافعتهم عن تلك القاصية والتقوا معهم بجبل الزاب فانكشف الموحدون بعد معترك صعب واستلحمهم بنو مرين ويسمى المعترك لهذا العهد بمرسى الرؤس لكثرة ما تساقط في ذلك المجال من الرؤس واستحكمت المنافرة بين يوسف بن يعقوب وصاحب بجاية فأوفد الخليفة بتونس على يوسف بن يعقوب مشيخة من الموحدين تجديد الوصلة سلفهم مع سلفه واغراء بصاحب بجاية وعمله فجاء موقع ذلك من عثمان بن يغمراسن وأحفظه ممالاة خليفته لعدوه فعطل منابره من ذكره وأخرج قومه وإيالته عن دعوته وكان ذلك آخر المائة السابعة والله تعالى أعلم * (الخبر عن دولة أبى حمو الأوسط وما كان فيها من الاحداث) * لما هلك الأمير أبو زيان قام بالأمر بعده أخوه أبو حمو في أخريات سنة سبع كما قدمناه وكان صارما يقظا حازما داهية قوى الشكيمة صعب العريكة شرس الاخلاق مفرط الدهاء والحدة وهو أول ملوك زناتة رتب مراسم الملك وهذب قواعده وأرهف في ذلك لأهل ملكه حده وقلب لهم مجن بأسه حتى ذلوا لعز ملكه وتأدبوا بآداب السلطان (سمعت) عريف بن يحيى أمير سويد من زغبة وشيخ المجالس الملوكية يقول ويعنيه موسى بن عثمان هو معلم السياسة الملوكية لزناتة وانما كانوا رؤساء بادية حتى قام فيهم موسى بن عثمان فحد حدودها وهذب مراسمها ونقل عنه ذلك أمثاله وأنظاره فتقبلوا
(٩٨)