واعتزم على اتباعه فثناه عن رأيه في ذلك أخوه يعقوب بن عبد الحق لعهد تأكد بينه وبين يغمراسن فرجع ولما انتهى إلى المقر مدة هذه بلغه أن يغمراسن قصد سجلماسة ودرعة لمداخلة من بعض أهلها أطمعته في ملكها فأغذ إليهما السير بجموعه ودخلها ولصبيحة دخوله وصل يغمراسن لشأنه فلما علم بمكان أبى يحيى من البلد سقط في يده ويئس من غلا به ودارت بينهم حرب تكافؤا فيها وهلك سليمان بن عثمان بن عبد الحق ابن أخي الأمير أبى يحيى وانقلب يغمراسن إلى بلده وعقد الأمير أبو يحيى على سجلماسة ودرعة وسائر بلاد القبلة ليوسف بن يزكاسن واستعمل على الجباية عبد السلام الأوربي وداود بن يوسف وانكفأ راجعا إلى فاس والله تعالى أعلم {الخبر عن مهلك أبى يحيى وما كان اثر ذلك من الاحداث التي تمحضت عن استبداد أخيه يعقوب بن عبد الحق بالأمر} لما رجع الأمير أبو يحيى من حرب يغمراسن بسجلماسة أقام أياما بفاس ثم نهض إلى سجلماسة متفقدا لثغورها فانقلب منها عليلا وهلك حتف أنفه على سرير ملكه في رجب سنة ست وخمسين أمضى ما كان عزما وأطول إلى تناول الملك يد اختطفته المنون عن شأنه ودفن بمقبرة باب الفتوح من فاس ضجيعا للولي أبى محمد الفشتالي كما عهد لأهل بيته وتصدى للقيام بأمره ابنه عمر واشتمل عليه عامة قومه ومالت المشيخة وأهل الحل والعقد إلى عمه يعقوب بن عبد الحق وكان غائبا عن مهلك أخيه بتازى فلما بلغه الخبر أسرع اللحاق بفاس وتوجهت إليه وجوه الأكابر وأحس عمر بصاغية الناس إليه وحرضه أتباعه على الفتك بعمه فاعتصم بالقصبة وسعى الناس في اصلاح ذات بينهما فتفادى يعقوب عن الامر ودفعه لابن أخيه على أن تكون له بلاد تازى وبطوية وملوية ولما لحق بتازى واجتمع إليه كافة بنى مرين عذلوه فيما كان منه فاستلام وحملوه على العودة في الامر ووعدوه من أنفسهم المظاهرة والموازرة فأجاب وبايعوه وصمد إلى فاس وبرز عمر للقائه فانتهى إلى؟؟ ولما تراءى الجمعان خذله جنوده وأسلموه فرجع إلى فاس مغلولا ووجه الرغبة إلى عمه أن يقطعه مكناسة وينزل له عن الامر فأجابه إلى ذلك ودخل السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق مدينة فاس فملكها سنة سبع وخمسين وتمشت طاعته في بلاد المغرب ما بين ملوية وأم الربيع وسجلماسة وقصر كتامة واقتصر عمر على امارة مكناسة فتولاها أياما ثم اغتاله من عشيره عمر وإبراهيم ابنا عمه عثمان بن عبد الحق والعباس بن عمه محمد بن عبد الحق فقتلوه وثأروا منه بدم كانوا يعتدونه عليه وهلك لعام أو بعد عام من امارته فكفى يعقوب شأنه واستقام سلطانه وذهب التنازع والمشاق عن أمره وكان يغمراسن بعد مهلك قرنه
(١٧٧)