حاسرا اعظاما لموصله وأجابه إلى ما سأل من الافراج عن هذا المعقل وأتحفه بذخائر مما لديه وارتحل بفوره وأخذ الأمير أبو مالك في تثقيف أطراف الثغر وسد فروجه وأنزل الحامية به ونقل الأقوات إليه وكان فتحا طوق دولة السلطان أبى الحسن قلادة الفخز إلى آخر الأيام ثم رجع بعدها إلى شأنه من منازلة تلمسان والله تعالى أعلم {الخبر عن حصار تلمسان وتغلب السلطان أبى الحسن عليها وانقراض أمر بنى عبد الواد بمهلك أبى تاشفين} لما تغلب السلطان على أخيه وحسم علة انتزائه ومنازعته وسد ثغور المغرب وعظمت لديه نعمة الله بظهور عسكره على النصرانية وارتجاع جبل الفتح من أيديهم بعد أن أقام في ملكة الطاغية نحوا من عشرين سنة فرغ لعدوه وأجمع لتلمسان ووفد عليه الأمير؟؟ السلطان أبى يحيى في سبيل التهنئة بالفتح والاخذ بحجزة أبى تاشفين على الثغور وأوفد السلطان إلى أبي تاشفين شفعاء في أن يتخلى عن عمل الموحدين جملة ويتراجع لهم عن تدلس ويرجع إلى تخوم عمله منذ أول الامر ولو عامئذ ليعلم الناس جاه السلطان عند الملوك ويقدروه حق قدره واستنكف أبو تاشفين مع ذلك وأغلظ للرسل في القول وأفحش بمجلسه بعض السفهاء من العبيد في الرد عليهم والنيل من مرسلهم فانقلبوا إليه بما أحفظه فانبعثت عزائم السلطان للصمود إليهم وعسكر بساحة البلد الجديد وبعث وزراءه إلى قاصية البلاد المراكشية لحشد القبائل والعساكر ثم تعجل فاعترض جنوده وأزاح، للهم وعبى مواكبه وسار في التعبية وفصل بمعسكره من فاس أواسط خمس وثلاثين وسار يجر الشوك والمدر من أمم المغرب وجنوده ومر بوجدة فجمر الكاتب لحصارها ثم مر بتدرومة فقاتلها بعض يوم واقتحمها فقتل حاميتها واستولى عليها آخر سنة خمس ثم سار على تعبيته حتى أناخ على تلمسان وبلغه الخبر بتغلب عساكره على وجدة سنة ست وثلاثين فأوعز إليه بتخريب أسوارها فأضرعوها بالأرض وتوافت امداد النواحي وجهاتها وحشودها وربض على فريسته ووفدت إليه قبائل مغراوة وبنى توجين فأتوه طاعتهم ثم سرح عساكره إلى الجهات فتغلب على وهران وهنين ثم على مليانة وتنس والجزائر كذلك سنة ست وثلاثين ونزع إليه يحيى بن موسى صاحب القاصية الشرقية من عمله والمتاخم كان لعمل الموحدين والقائم بحاصر بجاية بعد نكبة موسى بن علي فلقاه مبرة وتكريما ورفع بساطه ونظمه في طبقات وزرائه وجلسائه وعقد على فتح البلاد الشرقية ليحيى ابن سليمان العسكري كبير بنى عسكر بن محمد وشيخ بنى مرين وصاحب شوراهم بمجلس السلطان والمخصوص بصهر من السلطان عقد له على ابنته فسار في الولاية والجنود
(٢٥٦)