والتظاهر على عدوهم وعروق الفتنة تنبسط من كل منهم ولما جاء النصر من إفريقية وزحف إليه أبو ثابت قعد عنه علي بن راشد وقومه فاعتدها عليهم وأسرها في نفسه ثم اجتمع بعد ذلك للقاء السلطان أبى الحسن حتى انهزم ومضى إلى المغرب فلما رأى أبو ثابت أنه قد كفى عدوه الأكبر وفرغ إلى عدوه الأصغر نظر في الانتقاض عليهم فبينما هو يروم أسباب ذلك إذ بلغه الخبر أن بعض رجالات بنى كمين من مغراوة جاء إلى تلمسان فاغتالوه فحمى له أنفة وأجمع لحربهم وخرج من تلمسان فاتحة ثنتين وخمسين وبعث في أحياء زغبة من بنى عامر وسويد فجاؤوه بفارسهم وراجلهم وظعائنهم وزحف إلى مغراوة فخافوا من لقائه وتحصنوا بالجبل المطل على تنس فحاصرهم فيه أياما اتصلت فيها الحروب وتعددت الوقائع ثم ارتحل عنهم فجال في نواحي البلد ودوخ أقطارها وأطاعته مليانة والمرية وبرشك وشرشال ثم تقدم بجموعه إلى الجزائر فأحاط بها وبها فل بنى مرين وعبد الله بن السلطان أبى الحسن تركه هناك صغيرا في كفالة علي بن سعيد ابن جانا فغلبهم على البلد وأشخصهم في البحر إلى المغرب وأطاعته الثعالبة ومليكش وقبائل حصين وعقد على الجزائر لسعيد بن موسى بن علي الكردي ورجع إلى مغراوة فحاصرهم بمعقلهم الأول بعد أن انصرفت العرب إلى مشاتيها فاشتد الحصار على مغراوة وأصاب مواشيهم العطش فانحطت دفعة واحدة من الجبل تطلب المورد فأصابهم الدهش ونجا ساعتئذ علي بن راشد إلى تنس فأحاط به أبو ثابت أياما ثم اقتحمها عليه غلابا منتصف شعبان من سنته فاستعجل المنية وتحامل على نفسه فذبح نفسه وافترقت مغراوة من بعده وصارت أوزاعا في القبائل وقفل أبو ثابت إلى تلمسان إلى أن كان من حركة السلطان أبى عنان ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن استيلاء السلطان أبى عنان على تلمسان وانقراض أمر بنى عبد الواد ثانية} لما لحق السلطان أبو الحسن بالمغرب وكان من شأنه مع ابنه أبى عثمان إلى أن هلك بجبل هنتاتة على ما نذكره في أخبارهم فاستوسق ملك المغرب للسلطان أبى عنان وفرغ لعدوه وسما لاسترجاع الممالك التي ابتزها أبوه وانتزعها ممن توثب عليه وكان قد بعث إليه على ابن راشد من كان امتناعه من جبل تنس يسأل منه الشفاعة فرد أبو ثابت شفاعته وأحفظه ذلك وبلغه مقتل علي بن راشد فاجمع غزو تلمسان ونذر بذلك أبو سعيد وأخوه فخرج أبو ثابت وحشد القبائل من زناتة والعرب منتصف ذي القعدة ونزل بوادي شلب واجتمع الناس إليه وواصلته هناك بيعة تدلس في ربيع من سنة ثلاث غلب عليها الموحدون جانا الخراساني من صنائعه وبلغه من مكانه ذلك لزحف السلطان أبى
(١٢٠)