* (الخبر عن انتقاض ابن الأحمر ومظاهرته للطاغية على طريف أعادها الله للمسلمين) * لما قفل السلطان من غزاته فاتح احدى وتسعين كما ذكرناه وقد أبلغ في نكاية العدو وأثخن في بلاده فأهم الطاغية أمره وثقلت عليه وطأته والتمس الوليجة من دونه وحذر ابن الأحمر غائلته ورأى أن مغبة حاله الاستيلاء على الأندلس وغلبه على أمره ففاوض الطاغية وخلصوا نجيا وتحدثوا أن استمكانه من الإجازة إليهم انما هو لقرب مسافة بحر الزقاق وانتظام ثغور المسلمين حفا فيه لتصرف شوانيهم وسفنهم متى أرادوا فضلا عن الأساطيل وان أم تلك الثغور طريف وأنهم إذا استمكنوا منها كانت ربيئة لهم على بحر الزقاق وكان أسطولهم بمرفاها بمرصد الأساطيل صاحب المغرب الخائضين لجة ذلك البحر فاعتزم الطاغية على منازلة طريف وزعم له ابن الأحمر بمظاهرته على ذلك وشرط له المدد والميرة لأقوات العسكر أيام منازلتها على أن تكون له ان خلصت وتعاونوا على ذلك وأناخ الطاغية بعساكر النصرانية على طريق وألح عليها بالقتال ونصب الآلات وانقطع عنا المدد والميرة واحتلت أساطيله ببحر الزقاق فحالوا دون الصريخ من السلطان وإخوانهم المسلمين واضطر ابن الأحمر معسكره بمالقة قريبا منه وسرب إليه المدد من السلاح والرجال والميرة من الأقوات وبعث عسكر المنازلة حصن اصطيونة وتغلب عليه بعد مده من الحصار واتصلت هذه الحال أربعة أشهر حتى أصاب أهل طريف الجهد ونال منهم الحصار فراسلوا الطاغية في الصلح والنزول عن البلد فصالحهم واستنزلهم سنة احدى وتسعين ووفى لهم بعهده واستشرف ابن الأحمر إلى تجافى الطاغية عنها لما عقدوا عليه فأعرض عن ذلك واستأثر بها بعد أن كان نزل له عن ستة من الحصون عوضا منها ففسد ذات بينهما ورجع ابن الأحمر إلى تمسكه بالسلطان واستعانته به لأهل ملته على الطاغية وأوفد ابن عمه الرئيس أبا سعيد فرج بن إسماعيل ابن يوسف ووزيره أبا سلطان عزيز الداني في وفد من أهل حضرته لتجديد العهد وتأكيد المودة وتقرير المعذرة عن شأن طريف فوافوه بمكانه من منازلة تازوطا كما يذكر بعد فأبرموا العقد وأحكموا الصلح وانصرفوا إلى ابن الأحمر سنة ثنتين وتسعين باسعاف غرضه من المواخاة واتصال اليد وهلك خلال ذلك قائد المسالح بالأندلس علي بن يزكاسن في ربيع الأولى سنة ثنتين وتسعين وعقد السلطان لابنه ولى عهده الأمير أبى عامر على ثغور الأندلس التي في طاعته وعهد له بالنظر في مصالحها وأنفذه إلى قصر المجاز بعساكر فوافاه هنالك السلطان ابن الأحمر كما يذكر ان شاء الله تعالى والله أعلم * (الخبر عن وفادة ابن الأحمر على السلطان والتقائهما بطنجة) *
(٢١٦)