وفارقوا سلطانهم عبد الرحمن ونبذوا إليه عهده ورجعوا إلى طاعة صاحب فاس فلحق هو بتلمسان ونزل على السلطان أبى حمو فاستبلغ في تكريمه ولحق وزيره مسعود بن ماسى بدبروا ونزل على أميره محمد بن زكراز صاحب ذلك النغر وبعث إلى الأمير عبد الرحمن من تلمسان ليطارد بالفرصة ظنها في المغرب ينتهزها وأبى عليه أبو حمو من ذلك فركب مطية الفرار ولحق بابن ماسى وأصحابه فنصبوه للامر وأجلبوا على تازى ونهض الوزير إليهم في العساكر واحتل بتازا وتعرضوا للقائه ففض جموعهم وردهم على أعقابهم إلى جبل دبروا وسعى بينهم وترمار بن عريف ولى الدولة في قبض عنانهم عن المنازعة والتجافي عن طلب الامر وأن يجيزوا إلى الأندلس للجهاد فأجاز عبد الرحمن بن أبي يفلوس ووزيره ابن ماسى من غساسة فاتح سبع وستين وخلا الجو من اجلابهم وعنادهم ورجع الوزير إلى فاس واحتشد إلى مراكش كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن نهوض الوزير عمر وسلطانه إلى مراكش) * لما فرغ عمر من شأن مسعود وعبد الرحمن بن أبي يفلوس صرف نظره إلى ناحية مراكش وانتزى عامر بن محمد بها وأجمع أمره على الحركة إليه فأفاض العطاء ونادى بالسفر إلى حرب عامر وأزاح العلل وارتحل إليه لرجب من سنة سبع وصعد عامر وسلطانه أبو الفضل إلى الجبل فاعتصم به وأطلق عبد المؤمن من معتقله ونصب له الآلة وأجلسه على سرير حذاء سرير أبى الفضل يوهم انه قد بايع له وانه أحكم أمره تحامى بذلك لبنى مرين لما يعلم من صاغيتهم إليه وخشى مغبة ذلك فالآن له القول ولاطفه في الخطاب وسعى بينهما في الصلح حسون بن علي الصبيحي فعقد له عمر من ذلك ما أرضاه وانقلب إلى فاس ورجع عامر عبد المؤمن إلى معتقله وأمر الأحوال على ما كانت من قبل إلى أن بلغهم قتل الوزير لسلطانه كما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن مهلك السلطان محمد بن أبي عبد الرحمن وبيعة عبد العزيز بن السلطان أبى الحسن} كان شأن هذا الوزير عمر في الاستبداد على سلطانه هذا عجبا حتى بلغ مبلغ الحجر من الصبيان وكان قد جعل عليه العيون والرقباء حتى من حرمه وأهل قصره وكان السلطان كثيرا ما يتنفس الصعداء مع ندمائه ومن يختصه بذلك من حرمه إلى أن حدث نفسه باغتيال الوزير وأمر بذلك طائفة من العبيد كانوا يختصون به فنمى القول وأرسل به إلى الوزير بعض الحرم كانت عينا له عليه فخشى على نفسه وكان من الاستبداد والدولة أن الحجاب مرفوع له عن خلوات السلطان وحرمه ومكاشفة رتبه فخلص إليه في حشمه
(٣٢٢)