وهو في خلال ذلك يحاول اللحاق بالأندلس فكان من أول عمله التقرب إلى السلطان ابن الأحمر باغراء الوزير محمد بن عثمان بقتل ابن الوزير مسنويه فتم ذلك لأول الدولة وجرت الأمور بعدها على الاعتمال في مرضاته إلى أن حاول السفارة إليه في أغراض سلطانه سنة ثمان وستين في صحابة وترمار بن عريف فتلقاهما السلطان ابن الأحمر بما يتلقى به أمثالهما وعزة في تكرمتهما وأما وترمار فانقلب راجعا لأول تأدية الرسالة يقتضى من السلطان حظه بقواد أسطوله بتسهيل الإجازة إليه متى رامها وخرج يتصيد فلحق موسى بمالقة ودفع أمر السلطان بخطه إلى قائد الأسطول فأجاز إلى سبتة ولحق بمكانه وأما سليمان فاعتزم على المقام عند ابن الأحمر وأقام هنا لك خالصة ونجيا ومشاورا إلى أن هلك سنة احدى وثمانين {الخبر عن شأن الوزير أبى بكر ابن غازي وما كان من تغريبه إلى ما يرقة ثم رجوعه وانتقاضه بعد ذلك} لما اشتد الحصار بالوزير أبى بكر بن غازي وفنيت أمواله السلطان وظن أنه أحيط به داخله الوزير محمد بن عثمان من مكانهم بحصاره في النزول عن البلد على الأمان والابقاء فأجاب وخرج إلى السلطان أبى العباس بن أبي سالم فعقد له أمانا بخطه وتحول إلى داره بفاس وأسلم سلطانه المنصوب للامر قبله منه الوزير محمد بن عثمان واستبد في الاحتياط عليه إلى أن بعثه إلى السلطان ابن الأحمر فكان في جملة الأبناء عنده ودخل السلطان أبو العباس إلى دار ملكه واقتعد سريره ونفذت في الممالك أوامره وأقام أبو بكر بن غازي على حاله بداره والخاصة يباكرونه والنفوس منطوية على تأميله فغص به أهل الدولة وترددت فيه السعاية وتقبض عليه السلطان وأشخصه إلى غساسة وركب منها السفين إلى ما يرقة آخر ست وسبعين فأقام بها شهرا ومخاطباته مترددة إلى الوزير محمد بن عثمان ثم عطفته عليه رحم فأذن له في القدوم إلى المغرب والمقامة بغساسة فقدمها أوائل سنة سبع واستبد بامارتها وبدا له رأى في تأميل الوثبة وظهر ما كان يخفيه لابن عمه من المنافسة فخاطب ابن الأحمر وراء البحر ولاطفه بالتحف والهدايا فكتب إلى ابن عمه محمد بن عثمان يحضه على اعادته إلى مكانه دفعا لغوائله فأبى من ذلك وداخله وترمار بن عريف في بعضها كذلك فلح في الامتناع وحمل سلطانه على نبذ العهد لابي بكر بن غازي فتنكر له وأجمع المسير إليه بعساكر العرب فخرج من فاس سنة تسع وسبعين وبلغ الخبر إلى أبي بكر بن غازي فاستجاش بالعرب وأحثهم للوصول فوصل إليه الاحلاف من المعقل وسرب فيهم أمواله وخرج من غساسة فألقى بينهم نفسه وعمد إلى بعض الطارئين فنصبه للامر مشبها ببعض أبناء السلطان أبى الحسن
(٣٤٣)