بظاهر فاس منتصف احدى وستين وبعث في الحشود فتوافت ببابه واكتملت ثم ارتحل إليها وبلغ الخبر إلى السلطان أبى حمو ووزيره عبد الله بن مسلم فنادوا في العرب من زغبة والمعقل كافة فأجابوهم الا شرذمة قليلة من الاحلاف وخرجوا بهم إلى الصحراء ونازل حللهم بعسكره ولما دخل السلطان أبو سالم وبنو مرين تلمسان خالفوهم إلى المغرب فنازلوا وطاط وبلاد ملوية وكرسف وحطموا زروعها وانتسفوا أقواتها وخربوا عمرانها وبلغ السلطان أبا سالم ما كان من صنيعهم فأهمه أمر المغرب واجلاب المفسدين عليه وكان في جملته من آل يغمراسن محمد بن عثمان ابن السلطان أبى تاشفين ويكنى بأبي زيان ويعرف بالفنز ومعناه العظيم الرأس فدفعه للامر وأعطاه الآلة وكتب له كتيبة من توجين ومغراوة كانوا في جملته ودفع إليه أعطياتهم وأنزله بقصر أبيه بتلمسان وانكفأ راجعا إلى حضرته فأجفلت العرب والسلطان أبو حمو أمامه وخالفوه إلى تلمسان فأجفل عنها أبو زيان وتحيز إلى بنى مرين بأمصار الشرق من البطحاء ومليانة ووهران وأوليائهم من بنى توجين وسويد من قبائل زغبة ودخل السلطان أبو حمو ووزيره عبد الله بن مسلم إلى تلمسان وكان مقير بن عامر هلك في مذهبهم ذلك ثم خرجوا فيمن إليهم من كافة عرب المعقل وزغبة في اتباع أبى زيان ونازلوه بجبل وانشريس فيمن معه إلى أن غلبوا عليه وانفض جمعه ولحق بمكانه من إيالة بنى مرين بفاس ورجع السلطان أبو حمو إلى معاقل وطنه يستنقذها من ملكة بنى مرين فافتتح كثيرها وغلب على مليانة والبطحاء ثم نهض إلى وهران ونازلها أياما واقتحمها غلابا واستلحم بها من بنى مرين عددا ثم غلب على المرية والجزائر وأزعج عنها بنى مرين فلحقوا بأوطانهم وبعث رسله إلى السلطان أبى سالم فعقد معه المهادنة ووضعوا أوزار الحرب ثم كان مهلك السلطان أبى سالم سنة ثنتين وستين وقام بالأمر من بعده عمر بن عبد الله بن علي من أبناء وزرائهم مبايعا لولد السلطان أبى الحسن واحدا بعد آخر كما نذكره عند ذكر أخبارهم ان شاء الله تعالى {الخبر عن قدوم أبى زيان ابن السلطان أبى سعيد من المغرب لطلب ملكه وما كان من أحواله} كان أبو زيان هذا هو محمد ابن السلطان أبى سعيد عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن لما تقبض عليه مع عمه أبى ثابت ووزيرهم يحيى بن داود ببجاية من أعمال الموحدين وسبقوا إلى السلطان ابن عنان فقتل أبا ثابت ووزيره واستبقى محمدا هذا وأودعه السجن سائر أيامه إذا هلك واستوسق أمر المغرب لأخيه أبى سالم من بعد خطوب وأهوال يأتي ذكرها امتن عليه السلطان أبو سالم وأطلقه من الاعتقال
(١٢٥)