يشهد بذلك جوار مواطنهم قبل الملك ما بين صاو ملوية وذكرنا كيف اقتسموا الضاحية والقفر مع إخوانهم بنى يادين بن محمد وكيف اتصلت فتنتهم معهم سائر أيامهم وكان الغلب أولا لبنى يادين بن محمد لكثرة عددهم فإنهم كما ذكرنا خمسة بطون بنو عبد الواد وتوجين ومصاب وبنو زردال وإخوانهم بنو راشد بن محمد وكانوا أهل تلول المغرب الأوسط دونهم وبقي هذا الحي من بنى مرين بمجالات القفر من فيكيك إلى سجلماسة إلى ملوية وربما يخطون في ظعنهم إلى بلاد الزاب ويذكر نسابتهم أن الرياسة فيهم قبل تلك العصور وكانت لمحمد بن ورزير بن فكوس بن كرماط بن مرين وأنه كان لمحمد اخوة آخرون يعرفون بأمهم تنابعت وكان بنو عمه ونكاس بن فكوس وكان لمحمد سبعة من الولد شقيقان وهما حمامة وعسكر وأبناء علات أمهات أولادهم سنكيان وسكيمان وسكم ووراغ وفروت ويسمى هؤلاء الخمسة في لسانهم تير بيعين ومعناه عندهم الجماعة يزعمون أن محمدا لما هلك قام بأمره في قومه ابنه حمامة وكن الأكبر ثم من بعده أخوه عسكر وكان له من الولد ثلاثة لكوم وأبو يكى ويلقب المخضب وعلى ويلقب الاعذر ولما هلك قام برياسته فيهم ابنه المخضب فلم يزل أميرا عليهم إلى أن كان أمر الموحدين وزحف عبد المؤمن إلى تاشفين بن علي فحاصره بتلمسان وسرح أبا حفص في العساكر لحرب زناتة بالمغرب الأوسط وجمع له بنو يادين كلهم بنو يادين كلهم وبنو يلومى وبنو مرين ومغراوة ففض الموحدون جموعهم واستلحموا أكثرهم ثم راجع بنو يلومى وبنو يادين طاعتهم وأخلص بنو عبد الواد في خدمتهم ونصيحتهم ولحق بنو مرين بالقفر فلما غلب عبد المؤمن بن علي على وهران واستولى على أموال لمتونة وذخيرتهم بعث بتلك الغنائم إلى جبل تيمال حيث كانت داره ومن أين كان منبعث الدعوة وبلغ الخبر إلى بنى مرين بمكانهم بالزاب وشيخهم يومئذ المخضب بن عسكر فاجمع اعتراضها بقومه ولحق العير بوادي تلاغ فاحتازوها من أيدي الموحدين واستنفر عبد المؤمن لاستنقاذها أولياءه من زناتة وسرحهم مع الموحدين لذلك فأبلى بنو عبد الواد فيها بلاء حسنا وكان اللقاء في فحص حسون وانكشف بنو مرين وقتل المخضب بن عسكر واكتسح بنو عبد الواد حللهم وذلك سنة أربعين وخمسمائة فلحق بنو مرين بعدها بصحرائهم ومجالات قفرهم وقام بأمرهم من بعد المخضب ابن عمه حمامة بن محمد إلى أن هلك فقام بأمرهم ابنه محيو ولم يزل مطاعا فيهم إلى أن استنفرهم المنصور لغزاة الارك فشهدوها وأبلوا فيها البلاء الحسن وأصابت محيو يومئذ جراحة هلك منها بصحراء الزاب سنة احدى وتسعين وخمسمائة وكان من رياسة عبد الحق ابنه من بعده وبقائها في عقبه ما نذكره ان شاء الله سبحانه وتعالى
(١٧٦)