سبع وعشرين واعصوصب عليه الغزاة بمعسكره من مرج غرناطة دس إليه يومئذ ابن المحروق إلى يحيى هذا ودعاه إلى مكان عمله ليضبطه بذلك فأجاب ونزع عن عثمان وقومه إلى ابن المحروق وسلطانه وعقد له على الغزاة فتسايلوا إليه عن عثمان وانصرف إلى المدية وكان من شأنه ما قصصناه في أخباره وأقام يحيى بن عمر في رياسته إلى أن هلك ابن المحروق بفتكة سلطانه واستدعى عثمان بن أبي العلاء للرياسة فرجع إليها وصرف يحيى بن عمر إلى وادى آش وعقد له على الغزاة بها فأقام حينا ثم رجع إلى مكانه بين قومه واصطفاه عثمان بن أبي العلاء وابنه أبا ثابت لما كانت أمه بنت موسى بن رحو فكان يتعصب لخؤولته فيه ثم هلك عثمان وكان ما قدمناه من شأن ولده وفتكهم بالسلطان المخلوع وتقبض أخوهم أبو الحجاج عليهم وأشخصهم إلى إفريقية وقوض مباني رياستهم وعقد على الغزاة مكانهم ليحيى بن عمر هذا فاضطلع بها أحسن اضطلاع واستمرت حاله وحضر مشاهد أبى الحجاج مع السلطان أبى الحسن فظهرت كفايته وغناؤه ولما هلك أبو الحجاج سنة خمس وخمسين طعينا بمصلى العيد في آخر سجدة من صلاته بيد عبد من عبيد إصطبله مصاب في عقله أغرى زعموا به وقتل لحينه هبرا بالسيوف وبويع لابنه محمد أخذ له البيعة على الناس يومئذ مولاه رضوان من معلوجاتهم حاجب أبيه وعمه وقام بأمره واستبد عليه وحجره فقاسم يحيى بن عمر هذا في شأنه وشاركه في أمره وشد أزر سلطانه حتى إذا ثار بالحمراء الرئيس ابن عمهم محمد بن إسماعيل بن الرئيس أبى سعيد قائما بدعوة إسماعيل بن أبي الحجاج أخي السلطان محمد كان ساكنا بالحمراء وتحينوا لذلك مغيب السلطان في متنزهه بروضة خارج الحمراء فحالفوه إليها وكبسوها ليلا فقتلوا الحاجب المستبد رضوان وأجلس السلطان على سرير ملكه ونادوا بالناس إلى بيعته ولما أصبح غدا عليهم يحيى بن عمر بعد أن يئسوا منه وخشوا عاديته فأتاهم ببيعته وأعطى عليها صفقته وانصرف إلى منزله وبعد استيلائهم استخلصوا إدريس بن عثمان بن أبي العلاء كان وصل إليهم من دار الحرب برشلونة كما نذكر وولوه امارة الغزاة وائتمروا في التقبض على يحيى بن عمر ونذر بذلك فركب في حاشيته يوم دار الحرب من أرض الجلالقة واتبعه إدريس فيمن إليه من قومه نقاتلهم صدر نهاره وفض جموعهم ثم خلص إلى تخوم النصرانية ولحق منها بسدة ملك المغرب اثر سلطانه المخلوع محمد بن أبي الحجاج وخلف ابنه أبا سعيد عثمان بدار الحرب ونزل يومئذ على السلطان أبى سالم سنة احدى وستين فأكرم مثواه وأحله من مجلسه محل الشورى والمؤامرة واستقر في جملته إلى أن بعث ملك قشتالة في السلطان المخلوع بإشارة ابنه أبى سعيد وسعايته في ذلك ليجلب به على أهل الأندلس بما نقضوا من عهده
(٣٧٤)