عليه ثم نهض إلى تلمسان فنزل بالملعب من ساحتها وانحجر موسى بن عثمان من وراء أسوارها وغلب على معاقلها ورعاياها وسائر ضواحيها فحطمها حطما ونسف جهاتها نسفا ودوخ جبال بنى يرناسن وفتح معاقلها وأثخن فيها وانتهى إلى وجدة وكان معه في معسكره أخوه يعيش بن يعقوب وقد أدركته بعض استرابة بأمره ففر إلى تلمسان ونزل على أبي حمو ورجع السلطان على تعبيته إلى تازى فأقام بها وبعث ابنه الأمير أبا على إلى فاس فكان من خروجه على أبيه ما نذكر ان شاء الله تعالى * (الخبر عن انتقاض الأمير أبى على وما كان بينه وبين أبيه من الواقعات) * كان للسلطان أبى سعيد اثنان من الولد أكبرهما لامته الحبشية وهو على الأصغر لمملوكة من سبى النصارى وهو عمر وكان هذا الأصغر آثر هما لديه وأعلقهما بقلبه منذ نشأ فكان عليه حدبا وبه مشغوفا ولما استولى على ملك المغرب رشحه بولاية عهده وهو شاب لم يطر شاربه ووضع له ألقاب الامارة وصير معه الجلساء والخاصة والكتائب وأمره باتخاذ العلامة في كتبه وعقد على وزارته لإبراهيم بن عيسى اليرنياني من صنائع دولتهم وكبار المرشحين بها ولما رآه أخوه الأكبر أبو الحسن صاغية أبيه إليه وكان شديد البرور بوالديه انحاش إليه وصار في جملته وخلط نفسه بحاشيته طاعة لأبيه واستمرت حال الأمير أبى على على هذا وخاطبه الملوك من النواحي وخاطبهم وهادوه وعقد الرايات وأثبت في الديوان ومحا وزاد في العطاء ونقص وكاد أن يستبد ولما قفل السلطان أبو سعيد من غزاته إلى تلمسان سنة أربع عشرة أقام بتازى وبعث ولديه إلى فاس فلما استقر الأمير أبو على بفاس حدثته نفسه بالاستبداد على أبيه وخلعه وراوضه المداخلون له في المكر بالسلطان حتى يتقبض عليه فأبى وركب الخلاف وجاهر بالخلعان ودعا لنفسه فأطاعه الناس لما كان السلطان جعل إليه من أمرهم وعسكر بساحة البلد الجديد يريد غزو السلطان فبرز من تازى بعسكره يقدم رجلا ويؤخر أخرى ثم بدا للأمير أبى على في شأن وزيره وحدثته نفسه بالقبض عليه استرابة به لما كان بلغه من المكاتبة بينه وبين السلطان فبعث لذلك عمر بن يخلف الفردودى وتفطن الوزير لما حاوله من المكر فتقبض عليه ونزع إلى السلطان أبى سعيد فتقبله ورضى عنه وارتحل إلى لقاء ابنه ولما تراءى الجمعان بالقرمدة ما بين فاس وتازى واختل مصاف السلطان وانهزم عسكره وأفلت بعد أن أصابته جراحة في يده وهن لها ولحق بتازى فليلا جريحا ولحق به ابنه الأمير أبو الحسن نازعا إليه من جملة أخيه أبى على بعد المحنة وفاء لحق أبيه فاستبشر السلطان بالظهور والفتح وحمد المغبة وأناخ الأمير أبى على بعساكره على تازى وسعى الخواص بين السلطان وابنه في الصلح على أن يخرج له السلطان عن الامر
(٢٤٣)