أخرى إلى أن هلك أبوهم أبو مدين شعيب سنة سبع وتسعين وكان المقدم منهم عند السلطان عبد الله فأربى على ثنيات العز والوزارة والحلة والولاية وتقدم لحظوته في مجلسه كل حظوة واختصه بوضع علامته على الرسائل والأوامر الصادرة عنه وجعل إليه حسبان الخراج والضرب على أيدي العمال وتنفيذ الأوامر بالقبض والبسط فيهم واستخلصه لمناجاة الخلوات والافضاء بذات الصدور فوقف به الاشراف من الخاصة والقبيل والقرابة والولد وسودوه وخطبوا نائله وكان غمرا واستعمل مع ذلك أخاه محمدا على جباية المصامدة بمراكش وهنأ أبا القاسم الدعة بفاس فأقام بها متمليا راحته عريضا جاهه طاعما كاسيا تتسرب إليه أموال العمال في سبيل الاتحاف وتقف ببابه صدور الركائب إلى أن هلك السلطان أبو يوسف ويقال ان له خائنة في دمه مع سعاية الملياني ولما ولى السلطان أبو ثابت ضاعف رتبته وشفع لديه حظه ورفع على الاقدار قدره ثم ولى من بعده أخوه أبو الربيع فتقبل فيه مذاهب سلفه وكان بنو وقاصة اليهودي حين نكبوا باشر نكبتهم لمكانه من اصدار الأوامر ويزعمون ان له فيهم سعاية وكان خليفة الأصغر منهم قد استبقى كما ذكرناه فلما أفضى الامر إلى السلطان أبى الربيع استعمل خليفة بداره في بعض المهن وباشر الخدم حتى اتصل بمباشرة السلطان فجعل غايته السعاية بعبد الله بن أبي مدين وكان يؤثر عن السلطان أبى الربيع بأنه لا تؤمن بوائقه مع حرم ذويه وتعريف خليفة ذلك من مقالات الناس فدس إلى السلطان أن عبد الله بن أبي مدين يعرض باتهام السلطان في ابنته وان صدره وغل بذلك وأنه مترصد بالدولة وكان يخشى الغائلة بما كان عليه من مداخلة القبيل ولما كان داعيته من دواعي آل يعقوب فتعجل السلطان دفع غائلته واستدعاه صبيحة زفاف بنته زعموا عن زوجها فاستحثه قائد الروم بمقبرة أبى يحيى بن العربي فطعنه القائد هنا لك من ورائه طعنة أكبته على ذقنه واحتز رأسه وألقاه بين يدي السلطان ودخل الوزير سليمان بن يرزيكن فوجده بين يديه فذهبت نفسه عليه وعلى مكانه من الدولة حسرة وأسفا وأيقظ السلطان لمكر اليهودي فوقفه على براءة كان ابن أبي مدين بعثها للسلطان معه بالتنصل والحلف فتيقظ وعلم مكر اليهودي به فندم وقتل لحينه بخليفة بن وقاصة وذويه من اليهود المتصدين للخدمة وسطا بهم سطوة الهلكة فأصبحوا مثلا للآخرين والله أعلم * (الخبر عن ثورة أهل سبتة بالأندلسيين ومراجعهم طاعة السلطان) * لما قفل السلطان أبو الربيع من غزاة سبتة بعد أن شرد عثمان بن أبي العلاء وأحجره بسبتة وأجاز منها إلى العدوة ومن كان معه من القرابة كما قلناه بلغه الخبر بضجر
(٢٣٩)