أهل سبتة ومرض قلوبهم من ولاية الأندلسيين وسوء ملكتهم ودس إليه بعض أشياعه بالبلد بمثل ذلك فأغزى صنيعته تاشفين بن يعقوب الوطاسي أخا وزيره في عساكر ضخمة من بنى مرين وسائر الطبقات من الجند وأوعز إليه بالتقدم إلى سبتة ومنازلتها فأغذ إليها السير ونزول بساحتها ولما أحس به أهل البلد تمشت وتنادوا بشعارهم وثاروا على من كان بينهم من قواد ابن الأحمر وعماله وأخرجوا منها حاميته وجنوده واقتحمها العساكر واحتل بها تاشفين بن يعقوب عاشر صفر من سنة تسع وطير؟؟ بالخبر إلى السلطان فعم السرور وعظم الفرح وتقبض على قائد القصبة أبى زكريا يحيى بن مليلة وعلى قائد البحر أبى السحن بن كماشة وعلى قائد الحروب بها من الأعياص عمر بن رحو بن عبد الله بن عبد الحق كان صاحب الأندلس عقد له مكان ابن عمه عثمان بن أبي العلاء عند اجازته البحر إلى الجهاد كما ذكرناه وكتب إلى السلطان بالفتح وأوفد عليه الملا من مشيخة أهل سبتة وأهل الشورى وبلغ الخبر إلى ابن الأحمر فارتاع لذلك وخشى عادية السلطان وجيوش المغرب حين انتهوا إلى الفرضة وقد كان الطاغية في تلك الأيام نازل الجزيرة الخضراء وأقلع عنها على الصلح بعد أن أذاقها من الحصار شدة وبعد أن نازل جبل الفتح فتغلب عليه وانهزم زعيم من زعمائه يعرف بالفنش بيرس هزمه أبو يحيى بن عبد الله بن أبي العلاء صاحب الجيش بمالقة لقيه وهو يجوس خلال البلاد بعد تملك الجبل فهزم النصارى وقتل أبرح وأهم المسلمين شأن الجبل فبادر السلطان أبو الجيوش بإنفاذ رسله راغبين في السلم خاطبين للولاية وتبرع بالنزول عن الجزيرة ورندة وحصونها ترغيبا للسلطان في الجهاد فتقبل منه السلطان وعقد له الصلح على ما رغب وأصهر إليه في أخته فأنكحه إياها وبعث بالمدد للجهاد أموالا وخيولا جنائب مع عثمان بن عيسى البرنياني واتصلت بينهما الولاية إلى مهلك السلطان والبقاء لله وحده {الخبر عن بيعة عبد الحق بن عثمان بممالاة الوزير والمشيخة وظهور السلطان عليهم ثم مهلكه بأثر ذلك} كانت رسل ابن الأحمر خلال هذه المهادنة والمكاتبات تختلف إلى باب السلطان ووصل منهم في بعض أحيانها خلف من مترفيهم فجاهر بالكبائر فكشف صفحة وجهه في معاقرة الخمر والادمان عليه وكان السلطان منذ شهر جمادى الأولى سنة تسع قد عزل القاضي بفاس أبا غالب المغيلي وعهد باحكام القضاء لشيخ الفتيا المذكور بها أبى الحسن الملقب بالصغير وكان على نهج من تغيير المنكرات والتعسف فيها حتى لقد كان مطاوعا في ذلك وسواس النسك الأعجمي ومتجاوزا به الحدود المتعارفة بين أهل الشريعة
(٢٤٠)