وكانت لا يعبر عن حسنها اختطها السلطان أبو حمو الأول وابنه أبو تاشفين واستدعى لها الصناع والفعلة من الأندلس لحضارتها وبداوة دولتهم يومئذ بتلمسان فبعث إليهما السلطان أبو الوليد صاحب الأندلس بالمهرة والحذاق من أهل صناعة البناء بالأندلس فاستجادوا لهم القصور والمنازل والبساتين بما أعيا على الناس بعدهم أن يأتوا بمثله فأشار وترمار على السلطان أبى العباس بتخريب هذه القصور وأسوار تلمسان انتقاما بزعمه من أبى حمو وأخذا بالنار منه فيما اعتمده من تخريب قصر الملك بتازى وتخريب قصره هو بمرادة فأتى عليها الخراب أسرع من لمح البصر وبينما هو في ذلك وهو يروم السفر لاتباع أبى حمو إذ جاءه الخبر بأن السلطان موسى بن عمه السلطان أبى عنان قد استولى على دار ملكهم بفاس واقتعد أريكتهم فكر راجعا إلى المغرب لا يلوى على شئ وترك تلمسان لشأنها وكان من أمره ما يأتي ذكره في أخبارهم وطار الخبر إلى السلطان أبى حمو بمكانه من تاحجموت فأغذ السير إلى تلمسان ودخلها وعاد إلى ملكه بها وتفجع لتلك القصور بما ذهب من رونق حسنا وراجع دولته بنى عبد الواد وسلطانهم بتلمسان والله سبحانه وتعالى أعلم * (تجدد المنافسة بين أولاد السلطان أبى حمو ومجاهرة أبى تاشفين بذلك لهم ولأبيه) * كان التنافس بين هؤلاء الأولاد خفيا على الناس بما كان السلطان أبوهم يؤامل بينهم ويدارى بعضهم عن بعض فلما خرجوا أمام بنى مرين وعادوا إلى تلمسان صار تنافسهم إلى العداوة واتهم أبو تاشفين أباه بممالاة اخوته عليه فشمر لعقوقه وعداوته وشعر السلطان بذلك فأعمل الحركة إلى ناحية البطحاء موريا باصلاح العرب ومعتزما على لقاء ابنه المنتصر بمليانة جناحه ويتخطى إلى الجزائر فيجعلها دار ملكه بعد أن استخلف بتلمسان ابنه أبا تاشفين وحالفه على المناصحة واطلع موسى بن يخلف على خبيئة السلطان بذلك فدس بها إلى أبي تاشفين على عادته فطار به الأسف كل مطار وأغذ السير من تلمسان فيمن معه من العسكر وصبح أباه بأسافل البطحاء قبل أن يتصل وبالمنتصر وكشف القناع عن التكبر والتسخط على ما بلغه فحلف له السلطان على ذلك وأرضاه بالرجوع معه إلى تلمسان فرجعا جميعا * (خلع السلطان أبى حمو واستبداد ابنه أبى تاشفين بالملك واعتقاله إياه) * ولما رجع السلطان من البطحاء وبطل ما كان يؤمله من الاتصال بالمنتصر دس إليه مع خالصة من أهل دولته يعرف بعلى بن عبد الرحمن بن الكليب بأحمال من المال يودعها إلى أن يجد السبيل لحاجة نفسه وكتب له بولاية الجزائر ليقيم بها حتى يخلص إليه واطلع موسى على ذلك فأطلع أبا تاشفين على الخبر فبعث في أثره من حاشيته من اغتال ابن
(١٤٣)