قد فنيت وأرضهم خربت وتبينوا العجز عن المدافعة والحماية فجنحوا إلى السلم وضرعوا إلى أمير المسلمين في كف عاديته عنهم على ما يذكر ووصل إلى السلطان بمكانه من منازلة شريش عمر بن أبي يحيى بن محلى نازعا إلى طاعته فاتهمه لما سبق من تلاعبه وأمر أخاه طلحة فنكبه واحتمل إلى طريف فاعتقل بها وسار طلحة إلى المنكب فاستصفى أموال أخيه عمر وذخائره وسار إلى السلطان و؟؟ أخاه موسى على عمله بالمنكب وأمده بعسكر من الرجل ثم أطلق عمر لليال من اعتقاله وأجاز طلحة وعمر في ركاب السلطان ونزع منصور بن أبي مالك حافد السلطان إلى غرناطة ثم لحق منها بالمنكب وأقام مع موسى بن يحيى بن محلى فأقره السلطان ورضى بمقامه والله تعالى أعلم * (الخبر عن وفادة الطاغية شانجة وانعقاد السلم ومهلك السلطان على تفيئة ذلك) * لما نزل ببلاد النصرانية بلاد ابن أدفونش من أمير المسلمين ما نزل من تدمير قراهم واكتساح أموالهم وسبى نسائهم وإبادة مقاتلتهم وتخريب معاقلهم وانتساف عمرانهم زاغت منهم الابصار وبلغت القلوب الحناجر واستيقنوا أن لا عاصم من أمير المسلمين فاجتمعوا إلى طاغيتهم شانجة خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة متوجعين مما أذاقهم جنود الله من سوء العذاب وأليم النكال وحملوه على الضراعة لأمير المسلمين في السلم وايفاد الملا من كبار النصرانية عليه في ذلك وإلا فلا تزال تصيبهم منه قارعة وتحل قريبا من دارهم فأجاب إلى ما دعوه إليه من الخسف والهضيمة لدينه وأوفد على أمير المسلمين وفدا من بطارقتهم وشمامستهم وأساقفتهم يخطبون السلم ويضرعون في المهادنة والابقاء ووضع أوزار الحرب فردهم أمير المسلمين اعتزازا عليهم ثم أعادهم الطاغية بترديد الرغبة على أن يشترط ما شاء من عز دينه وقومه فأسعفهم أمير المسلمين وجنح إلى السلم لما تيقن من صاغيتهم إليه وذلهم لعز الاسلام وأجابهم إلى ما سألوه واشترط عليهم ما تقبلوه من مسالمة المسلمين كافة من قومه وغير قومه والوقوف عند مرضاته في ولاية جيرانه من الملوك أو عداوتهم ورفع الضريبة عن تجار المسلمين بدار الحرب من بلاده وترك التضريب بين ملوك المسلمين والدخول بينهم في فتنة وبعث لعمه عبد الحق بن الترجمان باشتراط ذلك واحكام عقده فاستبلغ وأكد في الوفاء ووفدت رسل ابن الأحمر على الطاغية وهو عنده لعقد السلم معه دون أمير المسلمين على قومه ومدافعته عنهم فأحضرهم بمشهد ابن الترجمان وأسمعهم ما عقد أمير المسلمين على قومه وأهل ملته وقال لهم انما أنتم عبيد آبائي فلستم معي في مقام السلم والحرب وهذا أمير المسلمين ولست أطيق مقاومته ولا دفاعه عنكم فانصرفوا ولما رأى عبد الحق صاغيته إلى مرضاة السلطان وسوس إليه بالوفادة لتتمكن الألفة وتستحكم العقدة وأراه مغبة ذلك في هل
(٢٠٩)