التي رعاها له السلطان أبو سعيد فلما ولى أمر المغرب مت بذلك إليه فعرفه له واختصه وخالصه وجعل إليه وضع علامته وحسبان جبايته ومستخلص أحواله والمفاوضة بذات صدره ورفع مجلسه في بسائطه وقدمة على خاصته وكان كثير الطاعة للأمير أبى على ابنه المتغلب على أبيه قبل أول أمره ولما استبد وخلع أباه انحاش منديل هذا إليه ثم نزع عنه حين تبين اختلال أمره وكان الأمير أبو الحسن يحقد عليه ولاية أخيه أبى على لما كان بينهما من المنافسة وكان كثيرا ما يوغر صدره بايجاب حق عمر عليه وامتهانه في خدمته وطوى له على البث حتى إذا انفرد بمجلس أبيه وفصل عمر إلى سجلماسة أحكم السعاية فيه والحاح في الهلكة التي أحكم السلطان عليها أذنا واعية حتى أذن الله بإهلاكه وكان منديل هذا كثيرا ما يغضب السلطان في المحاورة والخطاب دالة عليه وكبرا فاعتد عليه من ذلك كلمات وأحوالا وسخطه سنة ثمان عشرة واذن لابنه الأمير أبى الحسن في نكبته فاعتقله واستصفى أمواله وطوى ديوانه وامتحنه أياما ثم قتله بمحبسه خنقا ويقال جوعا وذهب مثلا في الغابرين والله خير الوارثين {الخبر عن انتقاض العز في بسبتة ومنازلته ثم مصيرها إلى طاعة السلطان بعد مهلكه} كان بنوا العز في لما تغلب عليهم الرئيس أبو سعيد ونقلهم إلى غرناطة سنة خمس استقروا بها في إيالة المخلوع ثالث ملوك بنى الأحمر حتى إذا استولى السلطان أبو الربيع على سبتة سنة تسع أذنوه في الإجازة إلى المغرب فأجازوا إلى فاس فاستقروا بها وكان يحيى وعبد الرحمن ابنا أبى طالب من سراتهم وكبارهم وكانوا يغشون مجالس أهل العلم لما كانوا عليه من انتحال الطلب وكان السلطان أبو سعيد أيام امارة بنى أبيه يجلس بالمسجد جامع القرويين شيخ الفتيا أبا الحسن الصغير وكان يحيى بن أبي طالب يلازمه فاتصل به وصارت له وسيلة يحتسبها عنده فلما ولى الامر واستقل به رعى لهم زمام صحابتهم ووفى لهم مقاصدهم وعقد ليحيى على سبتة ورجعهم إلى مقر امارتهم منها ومحل رياستهم فارتحلوا إليها سنة عشر وأقاموا دعوة السلطان أبى سعيد والتزموا طاعته ثم تغلب الأمير أبو على على أمر أبيه واستبد عليه فعقد على سبتة لابي زكريا حيون بن أبي العلاء القرشي وعزل يحيى بن أبي طالب عنها واستقدمه إلى فاس فقدمها هو وأبوه أبو طالب وعمه حاتم واستقروا في جملة السلطان وهلك أبو طالب بفاس خلال ذلك حتى إذا كان من خروج الأمير أبى على على أبيه ما قدمناه لحق يحيى بن أبي طالب وأخوه بالسلطان نازعين من جملة الأمير أبى على فلما اعتل بالبلد الجديد ونازله السلطان بها فحينئذ عقد السلطان ليحيى بن أبي طالب على سبتة وبعثه إليها ليقيم دعوته بتلك الجهات
(٢٤٦)