سنة احدى وستين عقدوا لإدريس بن عثمان هذا على الغزاة مكانه وولوه خطة أبيه وأخيه بدولتهم فاضطلع بها مالا الرئيس محمدا على قتل سلطانه إسماعيل بن الحجاج واستبد بالأمر ولسنتين من ولايته غلبه المخلوع أبو عبد الله على الامر وزحف إليه من رندة كان نزل بها بعد خروجه من دار الحرب مغاضبا للطاغية وأذن له وزير المغرب عمر بن عبد الله في نزولها فنزلها ثم زحف إلى الثائر بغرناطة على ملكهم الرئيس وحاشيته فأجفلوا ولحق الرئيس محمد بن إدريس هذا بقشتالة ونزلوا في جملتهم وحاشيتهم على الطاغية فتقبض عليهم وقتل الرئيس محمد وحاشيته جزاء بما أتوه من غدر رضوان ثم غدر السلطان إسماعيل من بعده وأودع إدريس ومن معه من الغزاة السجن بإشبيلية فلم يزل في أسره إلى أن تحيل في الفرار بمداخلة مسلم من الأسرى أعد له فرسا إزاء معتقله ففك قيده ونقب البيت وامتطى فرسه ولحق بأرض المسلمين سنة ست وستين واتبعوه فأعجزهم وجاء إلى السلطان أبى عبد الله محمد المخلوع فأكرم نزله وأحسن مبرته ثم استأذنه في اللحاق بالمغرب فأذن له وأجاز إلى سبتة وبلغ شأنه إلى صاحب الامر بالمغرب يومئذ عمر بن عبد الله فأوعز إلى صاحب سبتة بالقبض عليه لمكان ترشيحه وأودعه السجن بمكناسة ثم نقله السلطان عبد العزيز إلى سجن الغدر بفاس ثم قتلوه خنقا سنة سبعين والله وارث الأرض ومن عليها * (الخبر عن امارة علي بن بدر الدين على الغزاة بالأندلس ومصاير أمره) * قد ذكرناه ان موسى بن رحو بن عبد الله بن عبد الحق كان أجاز إلى الأندلس مع محمد وعامر ابني إدريس بن عبد الحق وقومهم أولاد سوط النساء سنة تسع وستين ثم رجع إلى المغرب وفر إلى تلمسان وأجاز منها إلى الأندلس وولى امارة الغزاة بها إلى أن هلك بعد أن أصهر إليه السلطان يوسف بن يعقوب في ابنته فعقد له عليها وزفها إليه سنة تسع وسبعين مع وفد من قومها وكان لموسى بن رحو من الولد جماعة أكبرهم المحمدان جمال الدين وبدر الدين وضع عليهما هذين اللقبين على طريقه أهل المشرق الشريف المكي الوافد على المغرب لذلك العهد من شرفاء مكة وكان هؤلاء الأعياص من ملوكهم وأقيالهم يعظمون أهل البيت النبوي ويلتمسون الدعاء والبركة منهم فيما تيسر من أحوالهم فحمل موسى بن رحو ولديه هذين عند وضعهما إلى الشريف يحنكهما ويدعو لهما فقال له الشريف خذ إليك جمال الدين وقال في آخر خذ إليك بدر الدين فاستحب موسى دعاءهما بهذين اللقبين تبركا بتسمية الشريف بهما فاشتهرا بهذين الاسمين ولما بلغا الأشد وشاركا أبا هما في حمل الرياسة وكان من مهلكه ما ذكرناه وانحرفت رياسة الغزاة عنهما إلى عمهما عبد الحق وابنه فلحق جمال
(٣٧٦)