وابتهلوا بأمان السلطان وعهده؟؟ إلى متيجة وبعث هو أخاه ثانيا إلى السلطان بانتقاضه العهد ونزل من رأس ذلك الشاهق إلى ابنه أبى تاشفين فأوصله إلى السلطان إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان فأخفر عهده وذمة ابنه وتقبض عليه صبيحة ليلته وبعث قائده إلى الجزائر فاستولى عليها وأقام دعوته بها وأوفد عليه مشيختها فتقبض عليهم وعقد على الجزائر لوزيره موسى بن مرعوت ورجع إلى تلمسان فقضى بها عيد النحر ثم أخرج سالم بن إبراهيم من محبسه إلى خارج البلد وقتل قعصا بالرماح ونصب شلوه وأصبح مثلا للآخرين ولله البقاء وعهد السلطان لابنه المنتصر على مليانة وأعمالها ولابنه أبى زيان على وهران وراسله ابن يملول صاحب توزر وصهره ابن قرى صاحب بسكرة وأولياؤهما من الكعوب والزواودة لما أهمهم أمر السلطان أبى العباس وخافوه على أمصارهم فراسلوا أبا حمو يضمنون له مسالمة أبى زيان على أن يوفى لهم بما اشترط له من المال وعلى أن يشب نار الفتنة من قبله على بلاد الموحدين ليشغل السلطان أبا العباس عنهم على حين عجزه وضعف الدولة عنه فأوهمهم من نفسه القدرة وأطمعهم في ذلك وما زال يراجعهم ويراجعونه بالمقاربة والوعد إلى أن أحيط بابن يملول واستولى السلطان على بلده فلحق ببسكرة وهلك بها لسنة من خروجه آخر سنة احدى وثمانين وبقي ابن مزنى من بعده متعللا بتلك الأماني الكاذبة إلى أن ظهر أمره وتبين عجزه فراجع طاعة السلطان أبى العباس واستقام على الموادعة ولحق الأمير أبو زيان بحضرة السلطان بتونس فنزل بها أكرم نزل مؤملا منه المظاهرة على عدوه والحال بالمغرب الأوسط لهذا العهد على ما شرحناه مرارا من تغلب العرب على الضواحي والكثير من الأمصار وتقلص ظل الدولة عن القاصية وارتدادها على عقبها إلى مراكزها بسيف البحر وتضاؤل قدرتها على قدرتهم واعطاء اليد في مغالبتهم ببلد زغائب الأموال واقطاع البلاد والنزول عن الكثير من الأمصار والقنوع بالتغريب بينهم واغراء بعضهم ببعض والله ولى الأمور * (قسمة السلطان للأعمال بين ولده وما حدث بينهم من التنافس) * كان لهذا السلطان أبى حمو جماعة من الولد كبيرهم أبو تاشفين عبد الرحمن ثم بعده أربعة لام واحدة كان تزوجها محله من اعمال قسنطينة أيام جولته في بلاد الموحدين كبيرهم المنتصر ثم أبو زيان محمد ثم عمرو يلقب عميرا ثم بعد ولد كثيرون ابنا محلات وكان أبو تاشفين ولى عهده وقد رفعه على الباقين وأشركه في رأيه وأوجب له الحق على وزراء دولته فكان لذلك رديفه ومظهر سلطانه وكان مع ذلك يتعاهد أولئك الاخوة الأشقاء بحنوه ويقسم لهم من ترشيحه والنجاء في خلوته فتنقض أبو تاشفين منهم فلما استفحل أمر
(١٣٩)