بباب كشوط لجنوبهم من كظيظ الزحام فهلك منهم أمم وانطلقت أيدي النهب على البلد فلحقت الكثير من أهله معرات في أموالهم وحرمهم وخلص السلطان إلى المسجد الجامع مع لمة من خواصه وحاشيته واستدعى شيوخ الفتيا بالبلد أبو زيد وأبو موسى ابنا الامام وفاء بحق العلم وأهله فخلصوا إليه بعد الجهد ووعظوه وذكروه بما نال الناس من النهب فركب لذلك بنفسه وسكن وأوزع جنوده وأشياعه من الرعية وقبض أيديهم عن الفساد وعاد إلى معسكره بالبلد الجديد وقد كمل الفتح وعز النصر وشهد ذلك اليوم أبو محمد بن تافراكين وافاه رسولا عن مولانا السلطان أبى يحيى ومجدد العهد فأعجله السلطان إلى مرسلة بالخبر وسابق السابقين ودخل تونس لسبع عشرة ليلة من نوبة الفتح فعظم السرور عند السلطان أبى يحيى بمهلك عدوه والانتقام منه بثأره واعتدها بمساعيه ورفع السلطان أبو الحسن القتل عن بنى عبد الواد أعدائهم وشفى نفسه بقتل سلطانهم وعفا عنهم وأثبتهم في الديوان وفرض لهم العطاء واستتبعهم على راياتهم ومراكزهم وجمع كلمة بنى واسين من بنى مرين وبنى عبد الواد وتوجين وسائر زناتة وأنزلهم ببلاد المغرب وسد بكل طائفة منهم ثغرا من أعماله وساروا عصبا تحت لوائه فأنزل منهم بقاصية السوس وبلاد غمارة وأجاز منهم إلى ثغور عمله بالأندلس حامية ومرابطين واندرجوا في جملته واتسع نطاق ملكه وأصبح ملك زناتة بعد أن كان ملك بنى مرين وسلطان العدوتين بعد أن كان سلطان المغرب والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * (الخبر عن نكبة الأمير عبد الرحمن بمتيجة وتقبض السلطان عليه ثم مهلكه اخرا) * قد قدمنا ما كان من اشتراط السلطان أبى سعيد على الموحدين منازلتهم تلمسان مع عساكره وتلوم السلطان أبى الحسن بتا سالت لانتظار مولانا السلطان أبى يحيى ولما نازل تلمسان بعساكره المرة الثانية لم يطالبهم بذلك وكان أبو محمد بن تافراكين يتردد إليه وهو بمعسكره من حصار تلمسان مؤديا حقه مستخبرا مآل عدوهم فلما تغلب على تلمسان أسر إليه سفيره أبو محمد بن تافراكين بأن سلطانه قادم عليه للقائه وتهنئته بالظفر بعدوه وتشوف السلطان أبو الحسن إليها لما كان يحب الفخر ويعنى به وارتحل من تلمسان سنة ثلاث وثلاثين وعسكر بمتيجة منتظرا وفادة مولانا السلطان أبى يحيى عليه وتكاسل السلطان عنها لما أراه المتحكم في دولته محمد بن الحكيم من حذر مغبتها وقال له ان لقاء سلطانين لا يتفق الا في يوم على أحدهما فكره ذلك السلطان وتقاعد عنه وطال مقام السلطان أبى الحسن في انتظار الموعد الذي ألقى إليه أبو محمد بن تافراكين واعتل لأشهر من لقائه ومرض بفسطاطه وتحدث أهل المعسكر بمهلكه وكان ابناه
(٢٥٨)