فظن الظنون فخشى استيلاء مسعود على الامر فبعث إلى العباس بن يغمراسن كبير القرابة فأحضره عند باب القصر حتى إذا مر بهم الهاتف واستيقن مهلك أبى سرحان رد العباس على عقبه إلى منزله ودخل إلى السلطان أبى تاشفين وقد أدركه الدهش من المواقعة فثبته ونشطه فحفه وأجلسه بمجلس أبيه وتولى له عقد البيعة على قومه خاصة وعلى الناس عامة وذلك آخر جمادى الأولى من تلك السنة وجهز السلطان إلى مدفنه بمقبرة سلفه من القصر القديم وأصبح مثلا في الآخرين والبقاء لله وأشخص السلطان لأول ولايته سائر القرابة الذين كانوا بتلمسان من ولد يغمراسن وأجازهم إلى العدوة حذار من مغبة ترشيحهم وما يتوقع من الفتن على الدولة من قبلهم وقلد حجابته مولاه هلالا فاضطلع بأعبائها واستبد بالعقد والحل والابرام والنقض صدرا من دولته إلى أن نكبه حسبما نذكره وعقد ليحيى بن موسى السنوسي من صنائع دولتهم على شلب وسائر أعمال مغراوة وعقد لمحمد بن سلامة بن علي على عمله من بلاد بنى يدللتن من توجين وعزل أخاه سعدا فلحق بالمغرب وعقد لموسى بن علي الكردي على قاصية المشرق وجعل إليه حصار بجاية وأغرى دولته بتشييد القصور واتخاذ الرياض والبساتين فاستكمل ما شرع فيه أبوه من ذلك وأتى عليه فاحتفلت القصور والمصانع في الحسن ما شاءت واتسعت أخباره على ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن نهوض السلطان أبى تاشفين لمحمد بن يوسف بجبل وانشريس واستيلاؤه عليه} كان محمد بن يوسف بعد مرجع السلطان أبى حمو كما ذكرناه قد تغلب على جبل وانشريس ونواحيه واجتمع إليه الفل من مغراوة فاستفحل أمره واشتدت في تلك النواحي شوكته وأهم أبا تاشفين أمره فاعتزم على النهوض إليه وجمع لذلك وأزاح العلل وأناخ على وانشريس وقد اجتمع به بنو توجين ومغراوة مع محمد بن يوسف وكان يتغرين من بنى توجين بطانة ابن عبد القوى يرجعون في رياستهم إلى عمر بن عثمان حسبما نذكره وكان قد استخلص سواه من بنى توجين دونه فأسفه بذلك وداخل السلطان أبا تاشفين وواعده أن يتحرك عنه فاقتحم السلطان عليهم الجبل وانحجزوا جميعا إلى حصن توكال فخالفهم عمر بن عثمان في قومه إلى السلطان بعد أن حاصرهم ثمانيا فتخرم الجمع واختل الامر وانفض الناس فاقتحم الحصن وتقبض على محمد بن يوسف وجئ به إلى السلطان أسيرا وهو في مركبه فعدد عليه ثم وخزه برمحه وتناوله الموالى برماحهم فأقعصوه وحمل رأسه على القناة إلى تلمسان فنصب بشرافات البلد وعقد لعمر بن عثمان على جبل وانشريس وأعمال بنى عبد القوى ولسعيد العربي من مواليه على عمل المرية
(١٠٦)