إليه ونصبه للامر وشن الغارات على غرناطة صباحا ومساء واضطرمت نار الفتنة واستركب يحيى بن رحو من قدر عليه من زناتة وطالب الحرب سنين حتى إذا فتك السلطان محمد بن الأحمر بوزيره ابن المحروق استدعى عثمان بن أبي العبراء وعقد له السلم على أن يجيز عمه إلى المغرب ويلحق بغرناطة لشأنه من رياسة الغزاة فتم ذلك سنة تسع وعشرين ورجع إلى مكانه من الدولة وهلك اثر ذلك لسبع وثلاثين سنة من امارته على الغزاة والبقاء الله وحده * (الخبر عن رياسة ابنه أبى ثابت من بعده ومصير أمرهم) * لما هلك شيخ الغزاة ويعسوب زناتة عثمان بن أبي العلاء قام بأمره وقومه ابنه أبو ثابت عامر وعقد السلطان أبو عبد الله بن أبي الوليد له على الغزاة المجاهدين كما كان أبوه فعظم شأنه قوة وشكيمة وكثرة عصابة ونفوذ رأى وبسالة وكان لقومه اعتزاز على الدولة بما عجبوا من عودها وكانوا أولى بأس وقوة فيها واستبداد عليها وكان السلطان محمد بن أبي الوليد مستنكفا عن الاستبداد عليه في القل والكثر فكان كثيرا ما يخرقهم بتسفيه آرائهم والتضييق عليهم في جاههم ولما وفد على السلطان أبى الحسن سنة ثنتين وثلاثين صريخا على الطاغية واستعدى ابنه الأمير أبا مالك لمنازلة جبل الفتح اتهموه بمداخلة السلطان أبى الحسن في شأنهم فتنكر وأجمعوا الفتك به وداخلوا في ذلك بعض صنائعه ممن كان متربصا بالدولة ولما افتتح الجبل وكان من شأنه ما قدمنا ذكره وزحف الطاغية فأناخ عليه وقصد ابن الأحمر الطاغية في بنيه راغبا أن يرجع إلى الحصن فرجع وافترقت عساكر المسلمين ارتحل السلطان ابن الأحمر إلى غرناطة سنة ثلاث وثلاثين وقد قعدوا له بمرصد من طريقه ونمى الخبر إليه فدعا بأسطوله لركوب البحر إلى مالقة واستبق إليهم الخبر بذلك فتبادروا إليه ولقوه بطريقه من ساحل اصطبونة فلاحوه وعاتبوه في شأن صنيعته عاصم من معلوجيه وحاجهم عنه فاعتوروا عاصما بالرماح فنكر ذلك عليهم فألحقوه به وخر صريعا عن مركوبه وبعثوا إلى أخيه يوسف فأعطوه بيعتهم وصفقة أيمانهم ورجعوا به إلى غرناطة وهو حذر منهم لفعلتهم التي فعلوا واستمرت الحال على ذلك ولما استكمل السلطان أبو الحسن فتح تلمسان وصرف عزائمه إلى الجهاد داخل ابن الأحمر في إزاحتهم عن الأندلس مكان جهاده فصادف منه اسعافا وقبولا تقبض على أبي ثابت واخوته إدريس ومنصور وسلطان وفز أخوهم سليمان فلحق بالطاغية وكان له يوم أثر في الايقاع بالمسلمين ولما تقبض ابن الأحمر على أبي ثابت واخوته أودعهم جميعا المطبق أياما ثم غربهم إلى إفريقية فنزلوا بتونس على مولانا السلطان أبى يحيى وأوعز إليه السلطان أبو الحسن بالتوثق منهم
(٣٧٢)