ابن الأحمر وجعل الامر في ذلك إليه تكرمة لمشهده ووفاء بحقه وأجابهم ابن الأحمر إليه بعد عرضه على أمير المسلمين والتماس اذنه فيه لما فيه من المصلحة وجنوح أهل الأندلس إليه منذ المدد الطويلة فانعقد السلم وقفل أمير المسلمين من غزاته وجعل طريقه على غرناطة احتفاء بالسلطان ابن الأحمر وخرج له عن الغنائم كلها فاحتوى عليها ودخل أمير المسلمين إلى الجزيرة في أول رجب من عامئذ فأراح ونظر في ترتيب المسالح على الثغور وتملك مالقة كما نذكره * (الخبر عن تملك السلطان مدينة مالقة من يد ابن اشقيلولة) * كان بنو اشقيلولة هؤلاء من رؤساء الأندلس المؤملين لمدافعة العدو وكانوا نظراء لابن الأحمر في الرياسة وهما أبو محمد عبد الله وأبو اسحق إبراهيم ابنا أبى الحسن بن اشقيلولة وكان أبو محمد منهم صهرا له على ابنته فكانوا له بذلك خاصة فأشركهم في أمره واعتضد بعصابتهم وبأبيهم من قبل على مقاومة بن هود وسائر الثوار حتى إذا استمكن من فرصته واستوى على كرسيه استبد دونهم وأنزلهم إلى مقامات الوزراء وعقد لابي محمد صهره على ابنته على مدينة مالقة والغربية وعقد لابي الحسن صهره على أخته على وادى آش وما إليها وعقد لابنه أبى اسحق إبراهيم بن علي على قمارش وما إلى ذلك ووجدوا في أنفسهم واستمر الحال على ذلك ولما هلك الشيخ ابن الأحمر سنة احدى وسبعين وولى ابنه الفقيه محمد سموا إلى منازعته وأوفد أبو محمد صاحب مالقة ابنه أبا سعيد على السلطان يعقوب بن عبد الحق وهو منازل طنجة ووفد معه أبو محمد إلى السلطان بطاعته وبيعته أهل مالقة سنة ثلاث وسبعين وعقد له عليها ونزع ابنه أبو سعيد فرج إلى دار الحرب ثم رجع لسنته فقتل بمالقة ولما أجاز السلطان إلى الأندلس اجازته الأولى سنة أربع وسبعين تلقاه أبو محمد بالجزيرة مع ابن الأحمر وفاوضهما السلطان في أمر الجهاد وردهما إلى أعمالهما ولما أجاز اجازته الثانية سنة ست وسبعين لقيه بالجزيرة الرئيسان ابنا اشقيلولة أبو محمد صاحب مالقة واخوه اسحق صاحب وادى آش وقمارش فشهدا معه الغزاة ولما قفل اعتل أبو محمد صاحب مالقة ثم هلك غرة جمادى من سنته فلحق به ابنه محمد بالسلطان آخر شهر رمضان وهو متلوم بالجزيرة منصرفه من الغزو كما ذكرناه فنزل له عن البلد ودعاه إلى احتيازها فعقد عليها لابنه أبى زيان منديل فسار إليها فبعث وكان ابن اشقيلولة لحين فصوله إلى لقاء السلطان أمر ابن عمه محمد الأزرق بن أبي الحجاج يوسف بن الزرقاء باخلاء منازل السلطان بالقصبة واعدادها فتم ذلك لثلاث ليال واضطرب الأمير أبو زيان معسكره بخارجها وأنفذ محمد بن عمران بن عيلة في رهط من رجال بنى مرين إلى قصبة فنزلها وملك أمر البلد وكان السلطان بن الأحمر لما بلغه
(١٩٧)