{اجلاب العرب على المغرب في مغيب السلطان من ولد أبى على وأبى تاشفين بن أبي حمو صاحب تلمسان ومجئ أبى حمو على أثرهم} كان أولاد حسين من عرب المعقل مخالفين على السلطان من قبل مسيره إلى مراكش وكان شيخهم يوسف بن علي بن غانم قد حدثت بينه وبين الوزير القائم على الدولة محمد بن عثمان منافرة وفتنة وبعث العساكر إلى سجلماسة فخرب ما كان له بها من العقار والاملاك وأقام منتقضا بالقفر فلما حاصر السلطان الأمير عبد الرحمن بمراكش وأخذ بمخنقه أرسل أبا العشائر ابن عمه منصور إلى يوسف بن علي وقومه ليجلبوا به على المغرب ويأخذوا بحجزة السلطان عن حصاره فسار لذلك ولما قدم على يوسف سار به إلى تلمسان مستجيشا بالسلطان أبى حمو لذلك القصد لما كان بينه وبين الأمير عبد الرحمن من العهد على ذلك فبعث أبو حمو معهم ابنه أبا تاشفين في بعض عساكره وسار في الباقين على أثرهم وسار أبو تاشفين وأبو العشائر إلى أحياء العرب فدخلوا إلى أحواز مكناسة وعاثوا فيها وكان السلطان عند سفره إلى مراكش استخلف على دار ملكه بفاس علي بن مهدي العسكري في جماعة من الجند واستنجد بوترمار بن عريف شيخ سويد وولى الدولة المقيم بأحياء ملوية فحالف بين عرب المعقل واستألف منهم العمارنة والمنبات وهم الاحلاف واجتمع مع علي بن مهدي وساروا لمدافعة العدو بنواحي مكناسة فصدوهم عن مرامهم ومنعوهم من دخول البلاد فأقاموا متواقفين أياما وقصد أبو حمو في عسكره مدينة تازى وحاصرها سبعا وخرب قصر الملك هنالك ومسجده المعروف بقصر تازروت وبينما هم على ذلك بلغ الخبر اليقين بفتح مراكش وقتل الأمير عبد الرحمن فأجفلوا من كل ناحية وخرج أولاد حسين وأبو العشائر وأبو تاشفين والعر ب الاحلاف في اتباعهم وأجفل أبو حمو عن تازى راجعا إلى تلمسان ومر بقصر وترمار في نواحي بطوية المسمى بمرادة فهدمه ووصل السلطان إلى فاس وقد تم له الظهور والفتح إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (نهوض السلطان إلى تلمسان وفتحها وتخريبها) * كان السلطان لما بلغه ما فعل العرب وأبو حمو بالمغرب لم يشغله ذلك عن شأنه ونقم على أبي حمو ما أتاه من ذلك وانه نقض عهده من غير داع إلى النقض فلما حل بدار ملكه بفاس أراح أياما ثم أجمع النهوض إلى تلمسان وخرج في عساكره على عادتهم وانتهى إلى تاوريرت وبلغ الخبر إلى أبي حمو فاضطرب أمره واعتزم على الحصار وجمع أهل البلد عليه واستعدوا له ثم خرج في بعض تلك الليالي بولده وأهله وخاصته وأصبح مخيما بالصفصف وانقض أهل البلد إليه بعضهم بعياله وولده مستمسكين به متفادين من معرة
(٣٤٨)