* (نهوض أبى تاشفين بعساكر بنى مرين ومقتل السلطان أبى حمو) * لما خرج أبو تاشفين من تلمسان أمام أبيه واتصل بأحياء سويد أجمعوا رأيهم على الاستنجاد بصاحب المغرب فوفد أبو تاشفين ومعه محمد بن عريف شيخ سويد على السلطان أبى العباس صاحب فاس وسلطان بنى مرين صريخين على شأنهما فقبل وفادتهما ووعدهما بالنصر من عدوهما وأقام أبو تاشفين عنده ينتظر انجاز وعده وكان بين أبى حمو وابن الأحمر صاحب الأندلس وشيجة ود وعقيدة وصلة ولابن الأحمر دالة وتحكم في دولة أبى العباس صاحب المغرب بما سلف من مظاهرته على أمره مذ أول دولته فبعث أبو حمو في الدفاع عنه من إجازة أبى تاشفين من المغرب إليه فلم يجبه صاحب المغرب وفاء بذمته وعلله بالقعود عن نصره وألح عليه ابن الأحمر في ذلك فتعلل بالمعاذير وكان أبو تاشفين قد عقد لأول قدومه مع وزير الدولة محمد بن يوسف بن علال حلفا اعتقد الوفاء به فكان هواه في انجاده ونصره من عدوه فلم يزل يفتل لسلطانه في الذروة والغارب ويلوى عن ابن الأحمر المواعيد حتى أجابه السلطان إلى غرضه وسرح ابنه الأمير أبا فارس والوزير محمد بن يوسف بن علال في العساكر لمصارخة أبى تاشفين وفصلوا عن فاس أواخر احدى وتسعين وانتهوا إلى تازى وبلغ خبرهم إلى السلطان أبى حمو فخرج من تلمسان وجمع أشياعه من بنى عامر والحراج بن عبيد الله وقطع جبل بنى ورنيد المطل على تلمسان وأقام بالغيران من جهاته وبلغ الخبر إلى أبي تاشفين فقدم إلى تلمسان مجدد المكر والخديعة وشيطان الفتنة والشر موسى بن يخلف فاستولى عليها وأقام دعوة أبى تاشفين فيها فطير الخبر إلى أبي حمو ابنه عمير فصحبه بها لليلة من مسيرة فأسلمه أهل البلد وتقبض عليه وجاء به أسيرا إلى أبيه بمكانه من الغيران فوبخه أبو حمو على فعاله ثم أذاقه أليم عقابه ونكاله وأمر به فقتل أشنع قتلة وجاء العيون إلى أبي فارس بن صاحب المغرب ووزيره ابن علال بمكان أبى حمو واغرابه بالغيران فنهض الوزير ابن علال في عساكر بنى مرين لغزوه وسار أمامهم سليمان بن ناجى من الاحلاف احدى بطون المعقل يدل بهم طريق القفر حتى صبحوه ومن معه من احياء الحراج في مكان مقامتهم بالغيران وناوشوهم القتال فلم يطيقوهم لكثرتهم وولوا منهزمين وكبا بالسلطان أبى حمو فرسه فسقط وأدركه بعض فرسانهم وعرفه فقتله قعصا بالرماح وجاؤوا برأسه إلى الوزير بن علال وأبى تاشفين وجئ بابنه عمير أسير وهم أبو تاشفين أخوه بقتله فمنعوه أياما ثم أمكنوه منه فقتله ودخل أبو تاشفين تلمسان أواخر احدى وتسعين وخيم الوزير وعساكر بنى مرين بظاهر البلد حتى دفع إليهم ما شارطهم عليه من المال ثم قفلوا إلى المغرب وأقام هو بتلمسان يقيم دعوة السلطان أبى العباس صاحب المغرب
(١٤٦)