وبنات زيان حرمكم ما لنا وللبقاء وقد أحيط بكم وأسف عدوكم لاتهامكم ولم يبق إلا فواق بكية لمصارعكم فأريحونا من معرة السبى وأريحوا فينا أنفسكم وقربوا إلى مهالكنا فالحياة في الذل عذاب والوجود بعدكم عدم فالتفت أبو حمو إلى أخيه وكان من الشفقة بمكان وقال قد صدقتك الخبر فما تنظر بهن فقال يا موسى أرجئني ثلاثا لعل الله يجعل بعد عسر يسرا ولا تشاورني بعدها فيهن بل سرح اليهود والنصارى إلى قتلهن وتعال إلى نخرج مع قومنا إلى عدونا فنستميت ويقضى الله ما يشاء فغضب أبو حمو وأنكر الارجاء في ذلك وقال انما نحن والله نتربص المعرة بهن وبأنفسنا وقام عنه مغضبا وجهش السلطان أبو زيان بالبكاء قال ابن حجاف وانا بمكاني بين يديه لا أملك متأخرا ولا متقدما إلى أن غلب عليه النوم فما راعني الا حرسي الباب يشير إلى أن اذن السلطان بمكان رسول من معسكر بنى مرين لسيدة القصر فلم أطق رجع جوابه الا بإشارة وانتبه السلطان من خفيف إشارتنا فزعا فأذنته واستدعاه فلما وقف بين يديه قال له ان يوسف بن يعقوب هلك الساعة وانا رسول حافده أبى ثابت إليكم فاستبشر السلطان واستدعى أخاه وقومه حتى أبلغ الرسول رسالته بمسمع منهم وكانت احدى المغريات في الأيام (وكان من خبر هذه الرسالة) ان يعقوب بن يوسف لما هلك تطاول للامر الأعياص من اخوته وولده وحفدته وتحيز أبو ثابت حافده إلى بنى ورتاجن لخولة كانت له فيهم فاستجاش بهم واعصوصبوا عليه وبعث إلى أولاد عثمان بن يغمراسن أن يعطوه الآلة ويكونوا مفزعا له ومأمنا ان أخفق مسعاه على أنه ان تم أمره قوض عنهم معسكر بنى مرين فعاقدوه عليها ووفى لهم لما تم أمره ونزل لهم عن جميع الاعمال التي كان يوسف بن يعقوب استولى عليها من بلادهم وجاء بجميع الكتائب التي أنزلها في ثغورهم وقفلوا إلى أعمالهم بالمغرب الأوسط كلها إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن السلطان أبى زيان بعد الحصار إلى حين ملكه) * كان من أول ما افتتح به السلطان أبو زيان أمره بعد الخروج من هون الحصار وتناوله الاعمال من يد بنى مرين أن نهض من تلمسان ومعه أخوه أبو حمو آخر ذي الحجة من سنة ست وسبعمائة فقصد بلاد مغراوة وشرد من كان هنالك منهم في طاعة بنى مرين واحتاز الثغور من يد عمالهم ودوخ قاصيتها ثم عقد عليها المسامح مولاه ورجع عنها فنهض إلى السرسو وكان العرب قد تملكوه أيام الحصار وغلبوا زناتة عليه من سويد والديالم ومن إليهم من بنى يعقوب بن عافى فأجفلوا أمامه واتبعوا آثارهم إلى أن أوقع بهم وانكفأ راجعا ومر ببلاد بنى توجين فاقتضى طاعة من كان بقي بالجبل من
(٩٧)