عطية بن موسى مولى أبى حمو قد صار إلى السلطان عبد العزيز وألحقه بجملته وبطانته فلما هلك السلطان خرج من القصر واختفى بالبلد حتى إذا فصل بنو مرين من معسكرهم ظاهر البلد خرج من مكان اختفائه وقام بدعوة مولاه أبى حمو واجتمع إليه شيعة من أهل البلد مع من تشاب إليه من الغوغاء وحملوا الخاصة على البيعة لابي حمو ووصلهم إبراهيم بن أبي تاشفين مع رحو بن منصور وقومه من عبيد الله فنبذوه وامتنعوا عليه فرجع عنهم إلى المغرب وطير أولاد يعمور أولياء أبى حمو من عبيد الله بالخبر إليه وهو بمثواه من تيكورارين واتصل بابنه تاشفين وهو عند يحيى بن عامر فدخل إلى تلمسان ومن معه من بنى عبد الواد وتساقط إليه فلهم من كل جانب ووصل السلطان على اثرهم بعد اليأس سنه فدخلها في جمادى من سنة أربع وسبعين واستقل بملكه وتقبض على بطانته الذين آسفوه في اغترابه ونمى له عنهم السعي عليه فقتلهم ورجع ملك بنى عبد الواد وسلطانهم ونهض إلى مغراوة أولياء بنى مرين بمكانهم من شلف فغلبهم عليه بعد مطاولة وحروب سجال هلك فيها وحمون بن هارون ومحيى دعوة بنى مرين من ضواحي المغرب الأوسط وأمصاره واستقل بالأمر حسبما ذكرناه في أخباره واتصل الخبر بالوزير أبى بكر بن غازي فهم بالنهوض إليه ثم ثنى عزمه ما كان من خروج الأمير عبد الرحمن بناحية بطوية فشغله شأنه عن ذلك {الخبر عن إجازة الأمير عبد الرحمن بن أبي يفلوس إلى المغرب واجتماع بطوية إليه وقيامهم بشأنه} كان محمد المخلوع ابن الأحمر قد رجع من رندة إلى ملكه بغرناطة في جمادى من سنة ثلاث وستين وقتل له الطاغية عدوه الرئيس المنتزى على ملكهم حين هرب من غرناطة إليه وفاء بعهد المخلوع واستوى على كرسيه واستقل بملكه ولحق به كاتبه وكاتب أبيه محمد بن الخطيب واستخلصه وعقد له على وزارته وفوض إليه في القيام بملكه فاستولى عليه وملك هواه وكانت عينه ممتدة إلى المغرب وسكناه إلى أن نزلت به آفة في رياسته فكان لذلك يقدم السوابق عند ملوكه وكان لأبناء السلطان أبى الحسن كلهم غيرة على ولد عمهم السلطان أبى على ويخشونهم على أمرهم ولما لحق الأمير عبد الرحمن بالأندلس اصطفاه ابن الخطيب واستخلصه لنجواه ورفع في الدولة رتبته وأعلى منزلته وحمل السلطان على أن عقد له الغزاة المجاهدين من زناتة مكان بنى عمه من الأعياص فكانت له آثار في الاضطلاع بها ولما استبد السلطان عبد العزيز بأمره واستقل بملكه وكان ابن الخطيب ساعيا في مرضاته عند سلطانه فدس إليه باعتقال عبد الرحمن بن أبي يفلوس ووزيره المطارد به مسعود بن ماسى وأدار ابن الخطيب في ذلك مكره وحمل
(٣٣٧)