فأغذ السير بحالة من بلاد الزاب وفرق جمعهم وردهم على أعقابهم وأحجزهم بالبلد ولما انصرم الشتاء وقضى منسك الأضحى عسكر بساحة البلد واعترض العساكر وأزاح عللهم وفرق أعطياتهم وارتحل إلى منازلة قسنطينة واجتمع إليه الزواودة بحللهم وجمع المولى أبو زيد صاحب قسنطينة من كان على دعوته من أحياء توبة وميمون ابن علي بن أحمد وشيعته من الزواودة وعقد عليهم لحاجبه نبيل وسرحه للقاء ابن أبي عمرو وعساكره فأوقع بهم الحاجب لجمادى من سنة خمس وخمسين واكتسح أموالهم ونازل قسنطينة حتى تفادوا منه بتمكينه من تاشفين ابن السلطان أبى الحسن المنصوب للامر فاقتادوه إليه وأشخصه إلى أخيه السلطان وأوفد المولى أبو زيد ابنه على السلطان أبى عنان فتقبل وفادته وشكر مراجعته وانكفأ الحاجب ابن أبي عمرو إلى بجاية وأقام بها إلى أن هلك في المحرم سنة ست وخمسين فذهب حميد السيرة عند أهل البلد وتفجعوا لمهلكه وبعث السلطان دوابه لارتحال عياله وولده ونقل شلوه إلى مقبرة أبيه بتلمسان وسرح ابنه أبا زيان في عساكر بنى مرين لمواراته بها وعقد على بجاية لعبد الله بن علي بن سعيد وزيره فنهض إليها في شهر ربيع من سنة ست وخمسين واستقر بها وتقبل ما حمده الناس من مذاهب الحاجب وسيرته فيها على ما نذكره وجهز العساكر إلى حصار قسنطينة إلى أن كان من فتحها ما نذكره بعد أن شاء الله تعالى {الخبر عن خروج أبى الفضل ابن السلطان أبى الحسن بجبل السكسيوى ومكر عامل درعة به ومهلكه} كان السلطان أبو عنان بعد مهلك أبيه لحق به في جملته أخواه أبو الفضل محمد وأبو سالم إبراهيم وتدبر في ترشيحهما وتصدر عليه مغبته فأشخصهما إلى الأندلس واستقرا بها في إيالة أبى الحجاج ابن السلطان أبى الوليد بن الرئيس أبى سعيد ثم ندم على ما أتاه من ذلك فلما استولى على تلمسان والمغرب الأوسط ورأى أن قد استفحل أمره واعتز بسلطانه أغذ السير إلى أبي الحجاج أن يشخصهما إليه ليكون مقامهما لديه أحوط للكلمة من أن يعتمد تفريقهما سماسرة الفتن وخشى أبو الحجاج عليهما غائلته فأبى من اسلامهما إليه وأجاب الرسل بأنه لا يخفر ذمته وجوار المسلمين المجاهدين فأحفظ السلطان كلمته وأوعز إلى حاجبه محمد بن أبي عمرو بان يخاطبه في ذلك بالتوبيخ واللائمة فكتب له كتابا قرعه فيه وقفني عليه الحاجب ببجاية أيام كوني معه فقضيت عجبا من فصوله وأغراضه ولما قرأه أبو الحجاج دس إلى كبيرهما أبى الفضل باللحاق بالطاغية وكانت بينهما ولاية ومخالصة منذ مهلك أبيه الهنسة على جبل الفتح سنة احدى وخمسين وسبعمائة فنزع إليه أبو الفضل وجهز به أسطولا إلى مراسي المغرب وأنزله بساحة السوس فلحق
(٢٩٣)