وبيت بنى خلدون ورئيسهم كريت المذكور ويردفه خالد أخوه قال ابن حيان وبيت بنى خلدون إلى الآن في إشبيلية نهاية في النباهة ولم تزل أعلامه بين رياسة سلطانية ورياسة علمية ثم بيت بنى حجاج ورئيسهم يومئذ عبد الله قال ابن حيان هو من لخم وبيتهم إلى الآن في إشبيلية ثابت الأصل نابت الفرع موسوم بالرياسة السلطانية والعلمية فلما عظمت الفتنة بالأندلس أعوام الثمانين ومائتين وكان الأمير عبد الله قد ولى على إشبيلية أمية بن عبد الغافر وبعث معه ابنه محمدا وجعله في كفالته فاجتمع هؤلاء النفر وثاروا بمحمد ابن الأمير عبد الله وبأمية صاحبهم وهو يمالئهم على ذلك ويكيد بابن الأمير عبد الله وحاصروه حتى طلب منهم اللحاق بأبيه فأخرجوه واستبد أمية بإشبيلية ودس على عبد الله بن حجاج من قتله وأقام أخاه إبراهيم مكانه وضبط إشبيلية واسترهن أولاد بنى خلدون وبنى حجاج ثم ثاروا به وهم بقتل أبنائهم فراجعوا طاعته وحلفوا له فأطلق أبناءهم فانتقض ثانية وحاربوه فاستمات وقتل حرمه وعقر خيوله وأحرق موجوده وقاتلهم حتى قتلوه مقبلا غير مدبر وعاثت العامة في رأسه وكتبوا إلى الأمير عبد الله بأنه خلع فقتلوه فقبل منهم مداراة وبعث عليهم هشام بن عبد الرحمن من قرابته فاستبدوا عليه وفتكوا بابنه وتولى كبر ذلك كريت بن خلدون واستقل بامارتها وكان إبراهيم بن حجاج بعدما قتل أخوه عبد الله على ما ذكره ابن سعيد عن الحجازي سمت نفسه إلى التفرد فصاهر ابن حفصون أعظم ثوار الأندلس يومئذ وكان بمالقة وأعمالها إلى رندة فكان له منه ردء ثم انصرف إلى مداراة كريت بن خلدون وملابسته فردفه في أمره وأشركه في سلطانه وكان في كريت تحامل على الرعية وتعصيب فكان يتجهم لهم ويغلظ عليهم وابن حجاج يسلك بهم الرفق والتلطف في الشفقة بهم عنده فانحرفوا عن كريت إلى إبراهيم ثم دس إلى الأمير عبد الله يطلب منه الكتاب بولاية إشبيلية ليسكن إليه العامة فكتب إليه العهد بذلك وأطلع عليه عرفاء البلد مع ما أشربوا من حبه والنفرة عن كريت ثم أجمع الثورة وهاجت العامة بكريت فقتلوه وبعث برأسه إلى الأمير عبد الله واستقر بامارة إشبيلية قال ابن حيان وحصن مدينة قرمونة من أعظم معاقل الأندلس وجعلها مرتبطا لخيله وكان ينتقل بينها وبين إشبيلية واتخذ الجند ورتبهم طبقات وكان يصانع الأمير عبد الله بالأموال والهدايا وبعث إليه المدد في الطوائف وكان مقصودا ممدحا قصده أهل بيوتات فوصلهم ومدحه الشعراء ومدحه أبو عمر بن عبد ربه صاحب العقد وقصده من بين سائر الثوار فعرف حقه وأعظم جائزته ولم يزل بيت بنى خلدون بإشبيلية كما ذكره ابن حيان وابن حزم وغيرهما سائر أيام بنى أمية إلى زمان الطوائف وأتيحت عنهم الامارة بما ذهب لهم من الشوكة ولما غلب ابن عباد على
(٣٨١)