وتمسك بابنه محمد رهنا على طاعته فاستقل بامارتها وأقام دعوة السلطان وطاعته بها وأخذ بيعته على الناس واتصل ذلك سنتين وهلك عمه أبو حاتم هنالك بعد مرجعه معه من المغرب سنة ست عشرة ثم انتقض على طاعة السلطان ونبذ طاعة الأمراء ورجع إلى حال سلفه من أمر الشورى في البلد واستقدم من الأندلس عبد الحق بن عثمان فقدم عليه وعقد له الحرب ليفرق الكلمة به ويوهن ببأسه عزائم السلطان في مطالبته وجهز السلطان إليه العساكر من بنى مرين وعقد على حربه للوزير إبراهيم بن عيسى فزحف إليه وحاصره وتعلل عليهم بطلب ابنه فبعث به السلطان إلى وزيره إبراهيم ليعطى طاعته فيسلمه وجاءه الخبر من عيون كانت بالعسكر وان ابنه كائن بفسطاط الوزير بساحة البحر بحيث تتأتى الفرصة في أخذه فبيت المعسكر وهجم عبد الحق بن عثمان بحشمه وذويه على فسطاط الوزير فاحتمله إلى أبيه وركبت العساكر للهيعة فلم يقفوا على خبر حتى تفقد الوزير بن العز في واتهموا قائدهم إبراهيم بن عيسى الوزير بممالاة العدو على ذلك فاجتمعت مشيختهم وتقبضوا عليه وحملوه إلى السلطان ابتلاء للطاعة واستبصارا في نصح السلطان فشكر لهم وأطلق وزيره لابتلاء نصيحته ورغب يحيى بن العز في بعدها في رضا السلطان وولايته ونهض السلطان سنة تسع عشرة إلى طنجة لاختبار طاعته فعقد له على سبتة واشترط هو على نفسه لجباية السلطان وأسنى هديته في كل سنة واستمرت الحال على ذلك إلى أن هلك يحيى العز في سنة عشرين وقام بالأمر بعده ابنه محمد إلى نظر عمه محمد ابن علي بن الفقيه أبى القاسم شيخ قرابتهم وكان قائد الأساطيل بسبتة وولى النظر فيها بعد أن نزع القائد يحيى الرنداحي إلى الأندلس واختلف الغوغاء بسبتة وانتهز السلطان الفرصة فاجمع على النهوض إليها سنة ثمان وعشرين وبادروا بإيتاء طاعتهم وعجز محمد ابن يحيى عن المناهضة وظنها محمد بن عيسى من نفسه فتعرض للامر في أوغاد من اللفيف فاجتمعوا إليه ودافعهم الملاعن ذلك وحملوهم على الطاعة واقتادوا بنى العز في إلى السلطان فانقادوا واحتل السلطان بقصبة سبتة وثقف جهاتها ورم منثلمها وأصلح خللها واستعمل كبار رجالاته وخواص مجلسه في أعمالها فعقد لحاجبه عامر بن فتح الله الصدر أتى على حاميتها وعقد لابي القاسم بن أبي مدين على جبايتها والنظر في مبانيها واخراج الأموال للنفقات فيها وأسنى جوائز الملا من مشيختها ووفر اقطاعاتهم وجراياتهم وأوعز ببناء البلد المسمى افراك على سبتة فشرعوا في بنائها سنة تسع وعشرين وانكفأ راجعا إلى حضرته والله تعالى أعلم * (الخبر عن استقدام عبد المهيمن للكتابة والعلامة) * كان بنو عبد المهيمن من بيوتات سبتة ونسبهم في حضر موت وكانوا أهل تجلة ووقار
(٢٤٧)