الأمير أبى يحيى سما له أمل في الاجلاب على المغرب فجمع ذلك قومه واستجاش بنى توجين ومغراوة وأطمعهم في غبل الأسد ونهض إلى المغرب حتى انتهوا إلى كلدامان وصمد السلطان يعقوب بن عبد الحق إلى لقائهم فغلبهم ورجعوا إلى تفيئته ومر يغمراسن ببلاد بطوية فأحرق وانتسف واستباح وأعظم فيها لنكاية ورجع السلطان إلى فاس وتقبل مذاهب أخيه الأمير أبى يحيى في فتح أمصار المغرب وتدويخ أقطاره وكان مما أكرمه الله به أن فتح أمره باستنقاذ مدينة سلا من أيدي النصارى فكان له بها أثر جميل وذكر خالد على ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن فجأة العدو مدينة سلام واستنقاذها من أيديهم) * كان يعقوب بن عبد الله قد استعمله عمه الأمير أبو يحيى على مدينة سلا لما ملكها كما ذكرناه ولما استرجعها الموحدون من يده أقام بتغلب في جهاتها مراصدا لأهلها وحاميتها ولما بويع عمه يعقوب بن عبد الحق أسفته بعض الأحوال فذهب مغاضبا حتى نزل غبولة وألطف الحيلة في تملك رباط الفتح وسلا ليعتدها ذريعة لما أسر في نفسه فتمت له الحيلة وركب عاملها ابن يعلو البحر فارا إلى أزمور وخلف أمواله وحرمه فتملك يعقوب بن عبد الله البلد وجاهر بالخلع وصرف إلى منازعة عمه السلطان أبى يوسف وجوه العزم وداخل تجار الحرب في الامداد بالسلاح فتماروا في ذلك وكثر سفر المترددين بينهم حتى كثروا أهلها وأسلموا فيها غرة عيد الفطر من سنة ثمان وخمسين عند شغل الناس بعيدهم وثاروا بسلا وسبوا الحرم وانتهبوا الأموال وضبطوا البلد وامتنع يعقوب بن عبد الله برباط الفتح وطار الصريخ إلى السلطان أبى يوسف وكان بتازى مستشرفا لأحوال يغمراسن فنادى في قومه وطار بأجنحة الخيول ووصلها اليوم وليلة وتلاحقت به امداد المسلمين من أهل الديوان والمطوعة ونازلها أربع عشرة ليلة ثم اقتحمها عليهم عنوة وأثخن فيهم بالقتل ثم رم بالبناء ما كان متثلما بسورها الغربي حيث أمكنت منه الفرصة في البلد وتناول البناء فيه بيده والله لا يضيع عمل عامل وخشى يعقوب بن عبد الله بادرة السلطان فخرج من رباط الفتح وأسلمه فضبطه السلطان وثقفه ثم نهض إلى بلاد تامسنا وأنفى فملكها وضبطها ولحق يعقوب ابن عبد الله بحصن علودان من حبال غمارة فامتنع به وسرح السلطان ابنه أبا مالك عبد الواحد وعلي بن زيان لمنازلته وسار إلى لقاء يغمراسن لقاء المهادنة فلقيه بجو حرمان وافترقا على السلم ووضع أوزار الحرب ورجع السلطان إلى المغرب فخرج عليه أبناء أخيه أولاد إدريس ولحقوا بقصر كتامة وتابعوا يعقوب ابن عمهم عبد الله على رأيه واجتمعوا إلى كبيرهم محمد بن إدريس فبمن إليهم من العشير والصنائع فنهض
(١٧٨)