لما هلك السلطان أبو الحسن وانقضى شأن الحصار ارتحل السلطان أبو عنان إلى فاس ونقل شلو أبيه إلى مقبرتهم بشالة فدفنه مع من هنالك من سلفه وأغذ السير إلى فاس وقد استبد بالأمر وخلت الدولة عن المنازع فاحتل بفاس وأجمع أمره على غزو بنى عبد الواد لارتجاع ما بأيديهم من الملك الذي سموا لاستخلاصه ولما كان فتح سنة ثلاث وخمسين نادى بالعطاء وأزاح العلل وعسكر بساحة البلد الجديد واعترض العساكر وارتحل يريد تلمسان واتصل الخبر بأبي سعيد وأخيه فجمعوا قومهم ومن إليهم من الأشياع والأحزاب من زناتة والعرب وارتحلوا إلى لقائه ونزل السلطان بعساكره وادى ملوية وتلوم به أياما لاعتراض الحشود والعرب ثم رحل على التعبية حتى إذا احتل ببسيط أنكاد وتراءى الجمعان انفض سرعان المعسكر ولحقوا بالعرب وركب السلطان في التعبية وخاض بحر القتال وقد أظلم الجو به حتى إذا خلص إليهم من غمره وخالطهم في صفوفهم ولوهم الادبار ومنحوهم الأكتاف واتبع بنو مرين آثارهم فاستولوا على معسكرهم واستباحوه واستباحوهم قتلا وسبيا وصفدوهم أسرى وغشيهم الليل وهم متسايلون في أثرهم وتقبض على أبي سعيد سلطانهم فسيق إلى السلطان فأمر باعتقاله وأطلق أيدي بنى مرين من الغد على حلل العرب من المعقل فاستباحوهم واكتسحوا أموالهم جزاء بما شرهوا إليه من النهب في المحلة في هيعة ذلك المجال ثم ارتحل على تعبيته إلى تلمسان فاحتل بها لربيع من سنته واستوت في ملكها قدمه وأحضر أبا سعيد فقرعه ووبخه وأراه أعماله حسرة عليها وأحضر الفقهاء وأرباب الفتيا فأفتوا بحرابته وقتله فأمضى حكم الله فيه فذبح في محبسه لتاسعة من اعتقاله وجعله مثلا للآخرين وخلص أخوه الزعيم أبو ثالث إلى قاصية الشرق فكان من خبره ما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم {الخبر عن شأن أبى ثابت وايقاع بنى مرين به بوادي شلف وتقبض الموحدين عليه ببجاية} لما أوقع السلطان ببني عبد الواد بأنكاد وتقبض على أبي سعيد سلطانهم خلص أبو ثابت أخوه في فل منهم ومر بتلمسان فاحتمل حرمهم ومخلفهم وأجفل إلى الشرق فاحتل بشلف من بلاد مغراوة وعسكر هنالك واجتمع إليه أوشاب من زناتة وحدث نفسه باللقاء ووعدها بالصبر والثبات وسرح السلطان وزيره فارس بن ميمون بن ودرار في عساكر بنى مرين والجند فأغذ السير إليهم وارتحل من تلمسان على اثره ولما تراءى الجمعان صدق الفريقان المجاولة وخاضوا النهر بالقراع ثم صدق بنو مرين الحملة واجتازوا النهر إليهم فانكشفوا واتبعوا آثارهم واستلحموهم واستباحوا معسكرهم
(٢٨٨)