وولاه أخوه أبو سالم بعده كذلك ثم بعثه إلى سجلماسة فعانى بها من أمور العرب مشقة وعزله عنها وهلك بفاس وكان له جماعة من الولد قد نشؤوا في ظل هذه النعمة وحديث النجابة بمحمد المذكور منهم فلما استولى السلطان أبو العباس استعمله في أمور الضيوف والمائدة كما كانت لأبيه ثم رقاه إلى المخالصة وخلصه بنفسه فلما خلع السلطان واستولى الوزير ابن ماسى على المغرب وكانت بينه وبين أخيه يعيش بن ماسى إحن قديمة فسكن لصولتهم حتى إذا اضطرمت نار الفتنة بالمغرب وأجلبت عرب المعقل الخلاف فاستوحش محمد هذا فلحق بأحيائهم مع رزوق ابن توفريطت كما مر ذكره ونزل على يوسف بن علي بن غانم شيخ أولاد حسين وأقام معه في خلافه حتى إذا أجاز السلطان الواثق إلى الأندلس ووصل مع أصحابه إلى جبل رزهون وأظهروا الخلاف على ابن ماسى بدر محمد هذا ورزوق إلى السلطان ودخلا في طاعته متبرئين من النفاق الذي حملهم عليه عداوة الوزير مما كان إلى أن انعقد الصلح بين الواثق وابن ماسى وسار به وأصحابه إلى فاس وحصلوا في قبضة ابن ماسى فعفا لهم عما كان منهم واستعملهم في مهود ولايتهم ثم جاء الخبر بإجازة السلطان أبى العباس إلى سبتة فاضطرب محمد بن يوسف وذكر مخالصة السلطان ومنافرة ابن ماسى فأجمع أمره ولحق بسبته فتلقاه السلطان بالكرامة وسر بمقدمه ودفعه إلى القيام بأمر دولته فلم يزل متصرفا بين يديه إلى أن نزل إلى البلد الجديد ولأيام من حصارها خلع عليه الوزارة ودفعه إليها فقام بها أحسن قيام ثم كان الفتح وانتظم أمر الدولة ومحمد هذا يصرف الولاية على أحسن أحوالها إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (ظهور محمد بن السلطان عبد الحليم بسجلماسة) * قد تقدم لنا ذكر السلطان عبد الحليم ابن السلطان أبى على وكان يدعى بحلى وكيف بايع له بنو مرين وأجلبوا به على عمر بن عبد الله سنة ثلاث وستين أيام مبعثه للسلطان أبى عمر ابن السلطان أبى الحسن وحاصروا معه البلد الجديد حتى خرج لدفاعهم وقاتلهم فانهزموا وافترقوا ولحق السلطان عبد الحليم بتازا وأخوه عبد المؤمن بمكناسة ومعه ابن أخيهما عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ثم بايع الوزير عمر بن عبد الله لمحمد بن أبي عبد الرحمن بن السلطان أبى الحسن واستبدل به من أبى عمر ولما كان بنو مرين يرمونه بالجنون والوسوسة فاستدعى محمد بن أبي عبد الرحمن من مطرح اغترابه بإشبيلية وبايعه وخرج في العساكر لمدافعة عبد المؤمن وعبد الرحمن عن مكناسة فلقيهما وهزمهما ولحقا بالسلطان عبد الحليم بتازا وساروا جميعا إلى سجلماسة فاستقروا فيها والسلطان عبد الحليم وقد تقدم خبر ذلك كله في أماكنه ثم كان الخلاف بين عرب المعقل أولاد
(٣٥٨)