(اعلم) ان كثيرا من الناس يبحثون عن مبنى هذه الكلمة واشتقاقها على ما ليس معروفا للعرب ولا لأهل الجيل أنفسهم فيقال هو اسم وضعته العرب على هذا الجيل ويقال بل الجيل وضعوه لأنفسهم أو اصطلحوا عليه ويقال هو زانا بن جانا فيزيدون في النسب شيئا لم تذكره النسابة وقد يقال إنه مشتق ولا يعلم في لسان العرب أصل مستعمل من الأسماء يشتمل على حروفه المادية وربما يحاول بعض الجهلة اشتقاقه من لفظ الزنا ويعضده بحكاية خسيسة يدفعها الحق وهذه الأقوال كلها ذهاب إلى أن العرب وضعت لكل شئ اسما وأن استعمالها انما هو لأوضاعها التي من لغتها ارتجالا واشتقاقا وهذا انما هو في الأكثر والا فالعرب قد استعملت كثيرا من غير لغتها في مسماه اما لكونه علما فلا يغير مثل إبراهيم ويوسف واسحق من اللغة العبرانية واما استعانة وتخفيفا لتداوله بين الألسنة كاللجام والديباج والزنجبيل والنيروز والياسمين والآجر فتصير باستعمال العرب كأنها من أوضاعهم ويسمونها المعربة وقد يغيرونها بعض التغيير في الحركات أو في الحروف وهو شائع لهم لأنه بمنزلة وضع جديد وقد يكون الحرف من الكلمة ليس من حروف لغتهم فيبدلونه بما يقرب منه في المخرج فان مخارج الحروف كثيرة منضبطة وانما نطقت العرب منها بالثمانية والعشرين حروف أبجد وبين كل مخرجين منها حروف أكثر من واحد فمنها ما نطقت به الأمم ومنها ما لم تنطق به ومنها ما نطق به بعض العرب كما هو مذكور في كتب أهل اللسان وإذا تقرر ذلك فاعلم أن أصل هذه اللفظة التي هي زناتة من صيغة جانا التي هي اسم أبى الجيل كله وهو جانا بن يحيى المذكور في نسبهم وهم إذا أرادوا الجنس في التعميم الحقوا بالاسم المفرد تاء فقالوا جانات وإذا أرادوا التعميم زادوا مع التاء نونا فصار جاناتن ونطقهم بهذه الجيم ليس من مخرج الجيم عند العرب بل ينطقون بها بين الجيم والشين وأميل إلى السين ويقرب للسمع منها بعض الصغير فأبدلوها زايا محضة لاتصال مخرج الزاي بالسين فصارت زانات لفظا مفردا دالا على الجنس ثم الحقوا به هاء النسبة وحذفوا الألف التي بعد الزاي تخفيفا لكثرة دورانه على الألسنة والله أعلم * (فصل في أولية هذا الجيل وطبقاته) * أما أولية هذا الجيل بإفريقية والمغرب فهي مساوية لأولية البربر منذ أحقاب متطاولة لا يعلم مبدأها الا الله تعالى ولهم شعوب أكثر من أن تحصى مثل مغراوة وبنى يفرن وجراوة وبنى يرسان ووجديجن وعمرة وتحصر وورتيد وبنى زنداك وغيرهم وفى كل واحد من هذه الشعوب بطون متعددة وكانت مواطن هذا الجيل من لدن جهات
(٧)