الحكومة من الباطل خلوص الابريز وتبين أمرهم للسلطان وأمضيت فيها حكم الله تعالى ارغاما لهم فغدوا على حرد قادرين ودسوا الأولياء السلطان وعظماء الدولة يقبحون لهم إهمال جاههم ورد شفاعاتهم مموهين بأن الحامل على ذلك جهل المصطلح وينفقون هذا الباطل بعظائم ينسبونها إلى تبعث الحليم وتغرى الرشيد يستثيرون حفائظهم على ويشربونهم البغضاء إلى والله مجازيهم وسائلهم فكثر الشغب على من كل جانب وأظلم الجو بيني وبين أهل الدولة ووافق ذلك مصابي بالأهل والولد وصلوا من المغرب في السفين فأصابها قاصف من الريح فغرقت وذهب الموجود والسكن والمولود فعظم المصاب والجزع ورجح الزهد واعتزمت على الخروج عن المنصب فلم يوافقني عليه النصيح ممن استشرته خشية من نكير السلطان وسخطه فتوقفت بين الورد والصدر على صراط الرجاء والياس وعن قريب تداركني اللطف الرباني وشملتني نعمة السلطان أيده الله في النظر بعين الرحمة وتخلية سبيلي من هذه العهدة التي لم أطق حملها ولا عرفت كما زعموا مصطلحها فردها إلى صاحبها الأول وأنشطني من عقالها فانطلقت حميد الأثر مشيعا من الكافة بالأسف والدعاء وحميد الثناء تلحظني العيون بالرحمة وتتناجى الآمال في بالعودة ورتعت فيما كنت راتعا فيه قبل من مراعى نعمته وظل رضاه وعنايته بالعافية التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه عاكفا على تدريس علم وأو قراءة كتاب أو اعمال قلم في تدوين أو تأليف مؤملا من الله قطع صبابة العمر في العبادة ومحو عائق السعادة بفضل الله ونعمته * (السفر لقضاء الحج) * ثم مكنت بعد العزل ثلاث سنين واعتزمت على قضاء الفريضة فودعت السلطان والأمراء وزودوا وأعانوا فوق الكفاية وخرجت من القاهرة منتصف رمضان سنة تسع وثمانين إلى مرسى الطور بالجانب الغربي من بحر السويس وركبت البحر من هنالك عاشر الفطر ووصلنا إلى الينبع لشهر فوافينا المحمل ورافقتهم من هنالك إلى مكة ودخلتها ثاني ذي الحجة فقضيت الفريضة في هذه السنة ثم عدت إلى الينبع فأقمت بها خمسين ليلة حتى تهيأ لنا ركوب البحر ثم سافرنا إلى أن قاربنا مرسى الطور فاعترضتنا الرياح فما وسعنا الا قطع البحر إلى جانبه الشرقي ونزلنا بساحل القصير ثم ببندر قنا ثم سرنا مع اعراب تلك الناحية إلى مدينة قوص قاعدة الصعيد فأرحنا بها أياما ثم ركبنا في بحر النيل إلى مصر فوصلنا إليها لشهر من سفرنا ودخلتها في جمادى سنة تسعين وقضيت حق السلطان في لقائه واعلامه بما اجتهدت فيه من الدعاء له فتقبل ذلك بقبول حسن وأقمت فيما عهدت من رعايته وظل احسانه وكنت لما نزلت بالينبع لقيت بها
(٤٥٥)