والدليل على السقوط الصحاح المستفيضة وغيرها، منها صحيحة ابن أذينة، عن رهط منهم الفضيل وزرارة، عن الباقر عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين " (1).
لا يقال: إن الجمع بين الصلاتين بأذان لا يعطي إلا تداخل الأذانين، وهو يحصل مع الفصل بينهما أيضا.
أنا نقول: المتبادر من لفظ ذلك، نعم لو قيل " شرك بينهما بأذان أو اكتفى لهما بأذان " لتم ما قلت، مع أن الظاهر أن الظرف مستقر، والباء للملابسة، فلا يثبت كون مدخولها آلة للجمع، مضافا إلى أن سياق هذه الصحيحة وغيرها من الأخبار الكثيرة " (2)، هو ترخيص الجمع ورفع لزوم التفريق، مع ملاحظة تلك الأخبار والتأمل في مواردها لا يبقى شك فيما ذكرنا.
ولنذكر منها رواية أخرى، وهي رواية صفوان الجمال قال: صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام الظهر والعصر عندما زالت الشمس بأذان وإقامتين، ثم قال: " إني على حاجة فتنفلوا " (3).
ظهر من تلك الأخبار أن المراد من الجمع: هو الجمع المعهود المقابل للتفريق، لا مجرد تشريك الصلاتين في أذان.
على أنا نقول: يستفاد من أخبار أخر أن الجمع معنى محصل مستقل معهود، مثل رواية محمد بن حكيم قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: " الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع، وإذا كان بينهما تطوع فلا جمع " (4).