أيضا تحقق الاجماع في أمثال هذه الفروع بعيد.
مع أن غاية ما يستفاد من كلمات الجمهور هو عدم ضم الإياب إلى الذهاب في تحقق المسافة، أما لو تحققت المسافة بدون ذلك ويكون هذا الذهاب ملحقا بأصل المسافة فلا.
ما بينته لك مما لم يسبقني إليه أحد فيما أعلم، لكن دأب الغير المتأمل لا سيما المقلد للجمهور الرد من غير روية، عصمنا الله عما يكرهه.
على ما ذكرنا، فما نقل عن الأكثر من وجوب التمام على المتردد في ثلاثة فراسخ خارج حد الترخص ليس على ما ينبغي.
واستدل عليه في التذكرة بأنه لو لزم عليه القصر للزم على من تردد في واحد ثماني مرات (1). وهو كما ترى، إذ الملازمة وبطلان التالي كلاهما ممنوعان.
ولو سلمنا بطلان التالي فإنما يكون من جهة كونه من الأفراد النادرة أو عدم إطلاق المسافر عليه عرفا، لا لعدم ضم العود إلى الذهاب.
ثم إن المسافة المقصودة إن علمت بتفصيلها فلا إشكال، وإلا فإن جهلت رأسا ولم يمكن تحصيل العلم بها فيتم أيضا بلا خلاف ظاهر.
وأما لو لم يتعذر العلم بها ففي وجوب تحصيل العلم بها وجهان، من جهة أصالة التمام، واستصحاب كونه أهلا للحكم به، وأصالة براءة الذمة عن التكليف بالاعتبار. ومن جهة توقف اليقين بالبراءة على تحصيل العلم به.
والثاني أحوط، بل أظهر، لأن وجوب القصر موقوف على قصد ما هو مسافة في نفس الأمر، فإن الثمانية مثلا اسم لما هو ثمانية، لا ما علم أنه ثمانية، كما أن التثبت في خبر الفاسق إنما يجب فيما هو في نفس الأمر فاسق، لا من علم فسقه فقط، فلذا يثبت خبر مجهول الحال إذ لا واسطة.